تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٩٦
لافتراق الصانع والمصنوع، والحاد والمحدود، والرب والمربوب، الاحد لا بتأويل عدد، والخالق لا بمعنى حركة ونصب، والسميع لا بأداة، والبصير لا بتفريق آلة، والشاهد لا بمماسة، والبائن لا بتراخي مسافة، والظاهر لا برؤية، والباطن لا بلطافة، بان من الأشياء بالقهر لها والقدرة عليها، وبانت الأشياء منه بالخضوع له والرجوع إليه، من وصفه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل أزله ".
أقول: أول كلامه عليه السلام مبنى على أن جميع المعاني والصفات المشهودة في الممكنات أمور محدودة لا تتم إلا بحاد يحدها وصانع يصنعها، ورب يربها، وهو الله سبحانه، وإذ كان الحد من صنعه فهو متأخر عنه غير لازم له، فقد تنزهت ساحة كبريائه عن هذه الحدود.
وإذا كان كذلك كان ما يوصف به من الصفات غير محدود بحد - وإن كان لفظنا قاصرا عنه، والمعنى غير واف به - فهو تعالى أحد لا بتأويل عدد يقضى بالمحدودية، وعلى هذا النهج خلقه وسمعه وبصره وشهوده وغير ذلك.
ومن فروع ذلك أن بينونته من خلقه ليس بمعنى الانفصال والانعزال تعالى عن الاتصال والانفصال، والحلول والانعزال، بل بمعنى قهره لها وقدرته عليها، وخضوعهم له ورجوعهم إليه.
وقوله عليه السلام: " من وصفه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل أزله " فرع على إثبات الوحدة العددية إبطال الأزل لان حقيقة الأزل كونه تعالى غير متناه في ذاته وصفاته ولا محدود فإذا اعتبر من حيث إنه غير مسبوق بشئ يتقدم عليه كان هو أزله، وإذا اعتبر من حيث إنه غير ملحوق بشئ يتأخر عنه كان هو أبده، وربما اعتبر من الجانبين فكان دواما.
وأما ما يظهر من عدة من الباحثين أن معنى كونه تعالى أزليا أنه سابق متقدم على خلقه المحدث تقدما في أزمنة غير متناهية لا خبر فيها عن الخلق ولا أثر منهم فهو من أشنع الخطأ، وأين الزمان الذي هو مقدار حركة المتحركات والمشاركة معه تعالى في أزله؟!.
وفي النهج: ومن خطبة له عليه السلام: " الحمد لله خالق العباد، وساطح المهاد،
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376