تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٠١
ذاته وإلا لهدده بالتحديد وقهره بالتقدير، فهو المحيط بكل شئ، المهيمن على كل أمر، ولا يلحقه صفة تمتاز ذاته، فإن في ذلك بطلان أزليته وعدم محدودية.
وأن صفته تعالى الكمالية غير محدودة بحد يدفع الغير أو يدفعه الغير كما أن العلم فينا غير القدرة لما بينهما من المدافعة مفهوما ومصداقا، ولا تدافع بينهما فيه تعالى، بل الصفة عين الصفة وعين كل صفة من صفاته العليا، والاسم عين كل اسم من أسمائه الحسنى.
بل إن هنا لك ما هو ألطف معنى وأبعد غورا من ذلك وهو أن هذه المعاني والمفاهيم للعقل بمنزلة الموازين والمكائيل يوزن ويكتال بها الوجود الخارجي والكون الواقعي، فهى حدود محدودة لا تنعزل عن هذا الشأن وإن ضممنا بعضها إلى بعض، واستمددنا من أحدها للاخر، لا يغترف بأوعيتها إلا ما يقاربها في الحد، فإذا فرضنا أمرا غير محدود ثم قصدناه بهذه المقاييس المحدودة لم ننل منه إلا المحدود وهو غيره، وكلما زدنا في الامعان في نيله زاد تعاليا وابتعادا.
فمفهوم العلم مثلا هو معنى أخذناه من وصف محدود في الخارج نعده كمالا لما يوجد له، وفى هذا المفهوم من التحديد ما يمنعه أن يشمل القدرة والحياة مثلا، فإذا أطلقناه عليه تعالى ثم عدلنا محدوديته بالتقييد في نحو قولنا:: علم لا كالعلوم فهب أنه يخلص من بعض التحديد لكنه بعد مفهوم لا ينعزل عن شأنه وهو عدم شموله ما وراءه (ولكل مفهوم وراء يقصر عن شموله) وإضافة مفهوم إلى مفهوم آخر لا يؤدى إلى بطلان خاصة المفهومية، وهو ظاهر.
وهذا هو الذي يحير الانسان اللبيب في توصيفه تعالى بما يثبته له لبه وعقله، وهو المستفاد من قوله عليه السلام: " لا تحده الصفات " ومن قوله فيما تقدم من خطبته المنقولة:
" وكمال الاخلاص له نفى الصفات عنه " وقوله أيضا في تلك الخطبة: " الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود " وأنت ترى أنه عليه السلام يثبت الصفة في عين أنه ينفيها أو ينفى حدها، ومن المعلوم أن إثباتها هي لا تنفك عن الحد فنفى الحد عنها إسقاط لها بعد إقامتها، ويؤول إلى أن إثبات شئ من صفات الكمال فيه لا ينفى ما وراءها فتتحد الصفات بعضها مع بعض ثم تتحد مع الذات ولا حد، ثم لا ينفى ما وراءها مما لا مفهوم لنا نحكي عنه، ولا إدراك لنا يتعلق به فافهم ذلك.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376