تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٠٧
قال الله تعالى: " وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا "، وقال تعالى: " هذا حلال وهذا حرام "، انتهى.
فالظاهر أن مقابلة الحل الحرمة، وكذا التقابل بين الحل والحرم أو الاحرام من جهة تخيل العقد في المنع الذي هو معنى الحرمة وغيرها ثم مقابلته بالحل المستعار لمعنى الجواز والإباحة، واللفظان أعني الحل والحرمة من الحقائق العرفية قبل الاسلام دون الشرعية أو المتشرعية.
والآية أعني قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا " (الخ)، تنهى المؤمنين عن تحريم ما أحل الله لهم، وتحريم ما أحل الله هو جعله حراما كما جعله الله تعالى حلالا وذلك إما بتشريع قبال تشريع، وإما بالمنع أو الامتناع بأن يترك شيئا من المحللات بالامتناع عن إتيانه أو منع نفسه أو غيره من ذلك فإن ذلك كله تحريم ومنع ومنازعة لله سبحانه في سلطانه واعتداء عليه ينافي الايمان بالله وآياته، ولذلك صدر النهى بقوله:
" يا أيها الذين آمنوا "، فإن المعنى: لا تحرموا ما أحل الله لكم وقد آمنتم به وسلمتم لامره.
ويؤيده أيضا قوله في ذيل الآية التالية: " واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ".
وإضافة قوله: " طيبات " إلى قوله: " ما أحل الله لكم " - مع أن الكلام تام بدونه - للإشارة إلى تتميم سبب النهى فإن تحريم المؤمنين لما أحل الله لهم على أنه اعتداء منهم على الله في سلطانه، ونقض لايمانهم بالله وتسليمهم لامره كذلك هو خروج منهم عن حكم الفطرة، فإن الفطرة تستطيب هذه المحللات من غير استخباث، وقد أخبر الله سبحانه عن ذلك فيما نعت به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والشريعة التي جاء بها حيث قال:
" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " (الأعراف: 157).
وبهذا الذي بينا يتأيد اولا: أن المراد بتحريم طيبات ما أحل الله هو الالزام والالتزام بترك المحللات.
وثانيا: أن المراد بالحل مقابل الحرمة ويعم المباحات والمستحبات بل والواجبات
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376