تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٨٤
ومن دعائه عليه السلام - وهو في معنى الدعاء على قومه إذ قالوا له حين أمرهم بدخول الأرض المقدسة: " يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هيهنا قاعدون " (المائدة: 24) - ما حكاه الله تعالى بقوله: " قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " (المائدة: 25).
وقد أخذ عليه السلام بالأدب الجميل حيث كنى عن الامساك عن أمرهم وتبليغهم أمر ربهم ثانيا بعد ما جبهوا أمره الأول بأقبح الرد وأشنع القول بقوله: " رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي " أي لا يطيعني فيما أمرته إلا نفسي وأخي أي أنهم ردوا على بما لا مطمع فيهم بعده، فها أنا أكف عن أمرهم بأمرك وإرشادهم إلى ما فيه صلاح جماعتهم.
وإنما نسب ملك نفسه وأخيه إلى نفسه لان مراده من الملك بقرينة المقام ملك الطاعة ولو كان هو الملك التكويني لم ينسبه إلى نفسه إلا مع بيان أن حقيقته لله سبحانه، وإنما له من الملك ما ملكه الله إياه، ولما عرض لربه من نفسه الامساك واليأس عن إجابتهم إليه أحال الحكم في ذلك فقال: " فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ".
ومن ذلك ما دعا به شعيب عليه السلام على قومه إذ قال: " ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين " (الأعراف: 89).
وهذا استنجاز منه للوعد الإلهي بعد ما يئس من نجاح دعوته فيهم، ومسألة للقضاء بينه وبينهم بالحق على ما قاله الله تعالى: " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون " (يونس: 48).
وإنما قال " بيننا " لأنه ضم المؤمنين به إلى نفسه، وقد كان الكافرون من قومه هددوا إياه والمؤمنين به جميعا إذ قالوا:: " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا " (الأعراف: 88) فضمهم إلى نفسه وهاجر قومه في عملهم وسار بهم إلى ربه وقال: " ربنا افتح بيننا، الخ ".
وقد استمسك في دعائه باسمه الكريم: " خير الفاتحين لما مر أن التمسك بالصفة المناسبة لمتن الدعاء تأييد بالغ بمنزلة الأقسام، وهذا بخلاف قول موسى عليه السلام: " رب
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376