تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٤١
ما حده الله سبحانه له فلم يقل إلا ما أمر أن يقول ذلك، واشتغل بالعمل بما كلفه الله أن يشتغل به وهو أمر الشهادة، وقد صدقه الله تعالى فيما ذكره من حق الربوبية والعبودية.
وبهذا تنطبق الآيات على الغرض النازل لأجله السورة، وهو بيان الحق المجعول لله على عباده أن يفوا بالعهد الذي عقدوه وأن لا ينقضوا الميثاق، فليس لهم أن يسترسلوا كيفما أرادوا وأن يرتعوا رغدا حيث شاؤوا فلم يملكوا هذا النوع من الحق من قبل ربهم، ولا أنهم قادرون على ذلك من حيال أنفسهم، ولله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شئ قدير، وبذلك تختتم السورة.
قوله تعالى: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم، أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " " إذ " ظرف متعلق بمحذوف يدل عليه المقام، والمراد به يوم القيامة لقوله تعالى فيها: " قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " وقول عيسى عليه السلام فيها " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم ".
وقد عبرت الآية عن مريم بالأمومة فقيل: " اتخذوني وأمي إلهين " دون ان يقال: " اتخذوني ومريم إلهين " للدلالة على عمدة حجتهم في الألوهية وهو ولادته منها بغير أب، فالبنوة والأمومة الكذائيتين هما الأصل في ذلك فالتعبير به وبأمه أدل وأبلغ من التعبير بعيسى ومريم.
و " دون " كلمة تستعمل بحسب المآل في معنى الغير، قال الراغب: يقال للقاصر عن الشئ " دون " قال بعضهم: هو مقلوب من الدنو، والأدون الدنى، وقوله تعالى: " لا تتخذوا بطانة من دونكم " أي من لم يبلغ منزلتكم في الديانة، وقيل:
في القرابة، وقوله: " ويغفر ما دون ذلك " أي ما كان أقل من ذلك، وقيل: ما سوى ذلك، والمعنيان متلازمان، وقوله: " أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " أي غير الله، انتهى.
وقد استعمل لفظ " من دون الله " كثيرا في القرآن في معنى الاشراك دون
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376