تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٣٦
غير مقصودة وحدها حتى يتعلق بها عتاب أو سخط، وإلا فلو كانت مقصودة وحدها من حيث كونها آية لم تخل مسألتها من نتيجة غير مطلوبة فإن جميع المزايا الحسنة التي كان يمكن أن يراد بها كانت ممكنة الحصول بالآيات المشهودة كل يوم منه عليه السلام للحواريين وغيرهم.
وقوله: " وارزقنا وأنت خير الرازقين " وهذه فائدة أخرى عدها مترتبة على ما سأله من العيد من غير أن تكون مقصودة بالذات، وقد كان الحواريون ذكروه مطلوبا بالذات حيث قالوا: " نريد أن نأكل منها " فذكروه مطلوبا لذاته وقدموه على غيره، لكنه عليه السلام عده غير مطلوب بالذات وأخره عن الجميع وأبدل لفظ الاكل من لفظ الرزق فأردفه بقوله " وأنت خير الرازقين ".
والدليل على ما ذكرنا انه (ع) جعل ما أخذوه أصلا فائدة مترتبة أنه سأل أولا لجميع أمته ونفسه، وهو سؤال العيد الذي أضافه إلى سؤالهم فصار بذلك كونها آية من الله ورزقا وصفين خاصين للبعض دون البعض كالفائدة المترتبة غير الشاملة.
فانظر إلى أدبه (ع) البارع الجميل مع ربه، وقس كلامه إلى كلامهم - وكلا الكلامين يؤمان نزول المائدة - تر عجبا فقد أخذ (ع) لفظ سؤالهم فأضاف وحذف، وقدم وأخر، وبدل وحفظ حتى عاد الكلام الذي ما كان ينبغي أن يوجه به إلى حضرة العزة وساحة العظمة أجمل كلام يشتمل على أدب العبودية، فتدبر في قيود كلامه (ع) تر عجبا.
قوله تعالى: " قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني اعذبه عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين " قرأ أهل المدينة والشام وعاصم " منزلها " بالتشديد والباقون " منزلها " بالتخفيف - على ما في المجمع - والتخفيف أوفق لان الانزال هو الدال على النزول الدفعي، وكذلك نزلت المائدة، وأما التنزيل فاستعماله الشائع إنما هو في النزول التدريجي كما تقدم كرارا.
وقوله تعالى: " إني منزلها عليكم " وعد صريح بالانزال وخاصة بالنظر إلى الاتيان به في هيئة اسم الفاعل دون الفعل، ولازم ذلك أن المائدة قد نزلت عليهم.
وذكر بعض المفسرين أنها لم تنزل كما روى ذلك في الدر المنثور ومجمع البيان
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376