تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٢
(طه: 109) وقوله: " وإن تشكروا يرضه لكم " (الزمر: 7) وبين القسمين من الرضى فرق فإن رضاك عن شئ هو أن لا تدفعه بكراهة ومن الممكن أن يأتي عدوك بفعل ترضاه وأنت تسخط على نفسه، وأن يأتي صديقك الذي تحبه بفعل لا ترضاه.
فقوله: " رضي الله عنهم " يدل على أن الله يرضى عن أنفسهم، ومن المعلوم أن الرضى لا يتعلق بأنفسهم ما لم يحصل غرضه جل ذكره من خلقهم، وقد قال تعالى:
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " (الذاريات: 56) فالعبودية هو الغرض الإلهي من خلق الانسان فالله سبحانه إنما يرضى عن نفس عبده إذا كان مثالا للعبودية أي أن يكون نفسه نفس عبد لله الذي هو رب كل شئ فلا يرى نفسه ولا شيئا غيره إلا مملوكا لله خاضعا لربوبيته لا يؤوب إلا إلى ربه ولا يرجع إلا إليه كما قال تعالى في سليمان وأيوب: " نعم العبد إنه أواب " (ص: 44) وهذا هو الرضى عنه.
وهذا من مقامات العبودية، ولازمه طهارة النفس عن الكفر بمراتبه وعن الاتصاف بالفسق، كما قال تعالى: " ولا يرضى لعباده الكفر " (الزمر: 7)، وقال تعالى: " فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين " (التوبة: 96).
ومن آثار هذا المقام أن العبودية إذا تمكنت من نفس العبد ورأى ما يقع عليه بصره وتبلغه بصيرته مملوكا لله خاضعا لامره فإنه يرضى عن الله فإنه يجد أن كل ما آتاه الله فإنما آتاه من فضله من غير أن يتحتم عليه فهو جود ونعمة، وأن ما منعه فإنما منعه عن حكمة.
على أن الله سبحانه يذكر عنهم وهم في الجنة بقوله: " لهم فيها ما يشاؤون " (النحل: 31، الفرقان: 16)، ومن المعلوم أن الانسان إذا وجد كل ما يشاؤه لم يكن له إلا أن يرضى.
وهذا غاية السعادة الانسانية بما هو عبد، ولذلك ختم الكلام بقوله: " ذلك الفوز العظيم ".
قوله تعالى: " لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شئ قدير " الملك - بالكسر - سلطة خاصة على رقبة الأشياء وأثره نفوذ الإرادة فيما يقدر عليه المالك من التصرف فيها، والملك - بالضم - سلطة خاصة على النظام الموجود بين الأشياء
(٢٥٢)
مفاتيح البحث: الجود (1)، الطهارة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376