عن عمار بن ياسر موقوفا مثله، قال الترمذي: والوقف أصح، انتهى.
والذي ذكر في الخبر من أنهم سألوا طعاما لا ينفد يأكلون منها لا ينطبق على الآية ذاك الانطباق بناء على ظاهر ما حكاه الله تعالى من قولهم: " ونكون عليها من الشاهدين " فإن الطعام الذي لا يقبل النفاد لا يحتاج إلى شاهد يشهد عليه إلا أن يراد من الشهادة الشهادة عند الله يوم القيامة.
والذي ذكر فيه من مسخهم قردة وخنازير ظاهر السياق أن ذلك هو العذاب الموعود لهم، وهذا مما يفتح بابا آخر من المناقشة فيه فإن ظاهر قوله تعالى " فإني أعذبه عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين " اختصاص هذا العذاب بهم، وقد نص القرآن الشريف على مسخ آخرين بالقردة، قال تعالى: " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين " (البقرة: 65)، والمروى في هذا الباب عن بعض طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام: أنهم مسخوا خنازير.
وفى تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن (ع) قال: إن الخنازير من قوم عيسى سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا بها فمسخهم الله خنازير.
وفيه: عن عبد الصمد بن بندار قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: كانت الخنازير قوما من القصارين كذبوا بالمائدة فمسخوا خنازير.
أقول: وفيما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن الأشعري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: الفيل مسخ كان ملكا زناء، والذئب مسخ كان أعرابيا ديوثا، والأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها، والوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر، والفارة فهى الفويسقة، والعقرب كان نماما، والدب والوزغ والزنبور كانت لحاما يسرق في الميزان.
والرواية لا تعارض الروايتين السابقتين لامكان أن يمسخ بعضهم خنزيرا وبعضهم جريثا وضبا غير أن هذه الرواية لا تخلو عن شئ آخر وهو ما تضمنه من مسخ أصحاب