دائرا بينهم بل مهمة نفيسة تبذل دونها أنفس الأوقات وأغلى الأثمان منذ أقدم الاعصار.
ومن الدليل عليه أن الأقوام الهمجية الساكنة في أطراف المعمورة، كإفريقية وغيرها ويوجد بينهم حتى اليوم بقايا من أساطير السحر والكهانة والاذعان بحقيقتهما وإصابتهما.
والاعتبار الدقيق فيما نقل إلينا من المذاهب والأديان القديمة كالبرهمانية والبوذية والصابئة والمانوية والمجوسية واليهودية والنصرانية والاسلام، كل ذلك يعطى أن المهمة معرفة النفس والحصول على آثارها تسربا عميقا فيها وإن كانت مختلفة في وصفها وتلقينها وتقويمها.
فالبرهمانية - وهى مذهب هند القديم - وإن كانت تخالف الأديان الكتابية في التوحيد وأمر النبوة غير أنها تدعو إلى تزكية النفس وتطهير السر وخاصة للبراهمة أنفسهم.
نقل عن البيروني في كتاب ما للهند من مقولة قال: عمر البرهمن بعد مضى سبع سنين منه منقسم لأربعة أقسام:
فأول القسم الأول هي السنة الثامنة يجتمع إليه البراهمة لتنبيهه وتعريفه الواجبات عليه، وتوصيته بالتزامها واعتناقها ما دام حيا.
قال: وقد دخل في القسم الأول إلى (1) السنة الخامسة والعشرين من سنه إلى السنة الثامنة و الأربعين، فيجب عليه فيها أن يتزهد ويجعل الأرض وطاءه، ويقبل على تعلم " بيذ " وتفسيره علم الكلام والشريعة من أستاذ يخدمه آناء ليله ونهاره، ويغتسل كل يوم ثلاث مرات، ويقدم قربان النار في طرفي النهار، ويسجد لاستاذه بعد القربان، ويصوم يوما ويفطر يوما مع الامتناع عن اللحم أصلا، ويكون مقامه في دار الأستاذ، ويخرج منها السؤال والكدية من خمسة بيوت فقط كل يوم مرة عند الظهيرة أو المساء، فما وجد من صدقة وضعه بين يدي أستاذه ليتخير منه ما يريد ثم يأذن له في الباقي فيتقوت بما فضل منه، ويحمل إلى النار حطبها، فالنار عندهم معظمة والأنوار مقتربة.
وكذلك عند سائر الأمم فقد كانوا يرون تقبل القربان بنزول النار عليها، ولم يثنهم