في وجوب الانتهاء، انتهى. إنما يصح لو كان مفاد الشرط في الآية هو النهى عن السؤال عن أشياء يمكن أن تسوء إن أبدئت وليس كذلك كما عرفت بل المفاد النهى عن السؤال أشياء يقطع بمساءتها إن أبدئت، فالاشكال على حاله.
ويتلو هذا الجواب في الضعف قول بعضهم - على ما في بعض الروايات: إن المراد بقوله: " أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ما ربما يهواه بعض النفوس من الاطلاع على بعض المغيبات كالآجال وعواقب الأمور وجريان الخير والشر والكشف عن كل مستور مما لا يخلو العلم به طبعا من أن يتضمن ما يسوء الانسان ويحزنه كسؤال الرجل عن باقي عمره، وسبب موته، وحسن عاقبته، وعن أبيه من هو؟ وقد كان دائرا بينهم في الجاهلية.
فالمراد بقوله: " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " هو النهى عن السؤال عن هذه الأمور التي لا يخلو انكشاف الحال فيها غالبا أن يشتمل على ما يسوء الانسان ويحزنه كظهور أن الاجل قريب، أو أن العاقبة وخيمة، أو أن أباه في الواقع غير من يدعى إليه.
فهذه أمور يتضمن غالبا مساءة الانسان وحزنه، ولا يؤمن من أن يجاب إذا سئل عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما لا يرتضيه السائل فيدعوه الاستكبار النفساني وأنفة العصبية أن يكذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يجيب به فيكفر بذلك كما يشير إليه قوله تعالى في الآية التالية:
" قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ".
وهذا الوجه وإن كان سليما في بادئ النظر لكنه لا يلائم قوله تعالى: " وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم " سواء قلنا: إن مفاده تجويز السؤال عن هذه الأشياء حين نزول القرآن، أو تشديد النهى عنه حين نزول القرآن بالدلالة على أن المجيب - وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في غير حال نزول القرآن في سعة من أن لا يجيب عن هذه الأسئلة رعاية لمصلحة السائلين، لكنها أعني الأشياء المسؤول عنها مكشوفة الحقيقة مرفوع عنها الحجاب لا محالة فلا تسألوا عنها حين ينزل القرآن البتة.
أما عدم ملاءمته على المعنى الأول فلان السؤال عن هذه الأشياء لما اشتمل على المفسدة بحسب طبعه فلا معنى لتجويزه حال نزول القرآن، والمفسدة هي المفسدة.
وأما على المعنى الثاني فلان حال نزول القرآن وإن كان حال البيان والكشف