تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٤٩
قوله: " لا يستوى الخبيث والطيب، الخ " والتقوى من قبيل الافعال أو التروك، وطيبها وخباثتها عنائية مجازية، وإرسال الكلام أعني قوله: " لا يستوى، الخ " إرسال المسلمات أقوى شاهد على أن المراد بالطيب والخباثة إنما هو الخارجي الحقيقي منهما فيكون الحجة ناجحة، ولو كان المراد هو الطيب والخبيث من الأعمال والسير لم يتضح ذاك الاتضاح فكل طائفة ترى أن طريقتها هي الطريقة الطيبة، وما يخالف أهواءها ويعارض مشيئتها هو الخبيث.
فالقول مبنى على معنى آخر بينه الله سبحانه في مواضع من كلامه، وهو ان الدين مبنى على الفطرة والخلقة، وان ما يدعو إليه الدين هو الطيب من الحياة، وما ينهى عنه هو الخبيث، وان الله لم يحل إلا الطيبات ولم يحرم إلا الخبائث قال تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم " (الروم:
30)، وقال: " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " (الأعراف: 157).
وقال: " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق " (الأعراف: 32).
فقد تحصل أن الكلام أعني قوله: " لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث "، مثل مضروب لبيان أن قواعد الدين ركبت على صفات تكوينية في الأشياء من طيب أو خباثة مؤثرة في سبيل السعادة والشقاوة الانسانيتين، ولا يؤثر فيها قلة ولا كثرة فالطيب طيب وإن كان قليلا، والخبيث خبيث وإن كان كثيرا.
فمن الواجب على كل ذي لب يميز الخبيث من الطيب، ويقضى بأن الطيب خير من الخبيث، وأن من الواجب على الانسان أن يجتهد في إسعاد حياته، ويختار الخير على الشر أن يتقى الله ربه بسلوك سبيله، ولا يغتر بانكباب الكثيرين من الناس على خبائث الأعمال ومهلكات الأخلاق والأحوال، ولا يصرفه الأهواء عن اتباع الحق بتوليه أو تهويل لعله يفلح بركوب السعادة الانسانية.
قوله تعالى: " فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون " تفريع على المثل المضروب في صدر الآية، ومحصل المعنى أن التقوى لما كان متعلقه الشرائع الإلهية التي تبتنى هي أيضا على طيبات وخبائث تكوينية في رعاية أمرها سعادة الانسان وفلاحه
(١٤٩)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الشهادة (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376