وفي تفسير العياشي عن أحمد بن محمد قال: كتبت إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام وكتب في آخره: أولم تنهوا عن كثرة المسائل؟ فأبيتم أن تنتهوا، إياكم وذلك، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم فقال الله تبارك وتعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء - إلى قوله تعالى - كافرين ".
* * * ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون - 103. وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون - 104. (بيان) قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام، هذه أصناف من الانعام كان أهل الجاهلية يرون لها أحكاما مبنية على الاحترام ونوع من التحرير، وقد نفى الله سبحانه أن يكون جعل من ذلك شيئا، فالجعل المنفى متعلق بأوصافها دون ذواتها فإن ذواتها مخلوقة لله سبحانه من غير شك، وكذلك أوصافها من جهة أنها أوصاف فحسب، وإنما الذي تقبل الاسناد إليه تعالى ونفيه هي أوصافها من جهة كونها مصادر لاحكام كانوا يدعونها لها فهى التي تقبل الاسناد ونفيه، فنفى جعل البحيرة وأخواتها في الآية نفى لمشروعية الاحكام المنتسبة إليها المعروفة عندهم.
وهذه الأصناف الأربعة من الانعام وإن اختلفوا في معنى أسمائها ويتفرع عليه الاختلاف في تشخيص أحكامها كما ستقف عليه، لكن من المسلم أن أحكامها مبنية على نوع من تحريرها والاحترام لها برعاية حالها، ثلاثة منها وهى البحيرة والسائبة والحامي