تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٥٣
عن ما يحتاج إلى الكشف والابداء غير أن هذه الخصيصة مرتبطة بحقائق المعارف وشرائع الاحكام وما يجرى مجراها، وأما تعيين أجل زيد وكيفية وفاة عمرو، وتشخيص من هو أبو فلان؟ ونحو ذلك فهى مما لا يرتبط به البيان القرآني، فلا وجه لتذييل النهى عن السؤال عن أشياء كذا وكذا بنحو قوله: " وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم " وهو ظاهر.
فالأوجه في الجواب ما يستفاد من كلام آخرين أن الآية الثانية: " قد سألها قوم من قبلكم، الخ " وكذا قوله: " وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم " تدل على أن المسؤول عنها أشياء مرتبطة بالأحكام المشرعة كالخصوصيات الراجعة إلى متعلقات الاحكام مما ربما يستقصى في البحث عنه والاصرار في المداقة عليه، ونتيجة ذلك ظهور التشديد ونزول التحريج كلما أمعن في السؤال وألح على البحث كما قصه الله سبحانه في قصة البقرة عن بني إسرائيل حيث شدد الله سبحانه بالتضييق عليهم كلما بالغوا في السؤال عن نعوت البقرة التي أمروا بذبحها.
ثم إن قوله تعالى: " عفا الله عنها " الظاهر أنه جملة مستقلة مسوقة لتعليل النهى في قوله: " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " لا كما ذكروه: أنه وصف لأشياء، وأن في الكلام تقديما وتأخيرا، والتقدير: لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها إن تبد لكم تسؤكم، " الخ ".
وهذا التعبير - أعني تعدية العفو بعن - أحسن شاهد على أن المراد بالأشياء المذكورة هي الأمور الراجعة إلى الشرائع والاحكام، ولو كانت من قبيل الأمور الكونية كان كالمتعين أن يقال: عفاها الله.
وكيف كان فالتعليل بالعفو يفيد أن المراد بالأشياء هي الخصوصيات الراجعة إلى الاحكام والشرائع والقيود والشرائط العائدة إلى متعلقاتها، وأن السكوت عنها ليس لأنها مغفول عنها أو مما أهمل أمرها بل لم يكن ذلك إلا تخفيفا من الله سبحانه لعباده وتسهيلا كما قال: " والله غفور حليم " فما يقترحونه من السؤال عن خصوصياته تعرض منهم للتضييق والتحريج وهو مما يسوؤهم ويحزنهم البتة فإن في ذلك ردا للعفو الإلهي الذي لم يكن البتة إلا للتسهيل والتخفيف، وتحكيم صفتي المغفرة والحلم الإلهيين.
فيرجع مفاد قوله: " لا تسألوا عن أشياء، الخ " إلى نحو قولنا: يا أيها الذين
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376