تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١١٨
ويدل على ذلك بعض الدلالة أيضا قوله تعالى في ذيل الآيات: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات (إلخ) بما سيأتي من الايضاح.
قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر، إلى آخر الآية " قد تقدم الكلام في أول السورة في معنى الخمر والميسر والأنصاب والأزلام فالخمر ما يخمر العقل من كل مائع مسكر عمل بالتخمير، والميسر هو القمار مطلقا، والانصاب هي الأصنام أو الحجارة التي كانت تنصب لذبح القرابين عليها وكانت تحترم ويتبرك بها، والأزلام هي الاقداح التي كانت يستقسم بها، وربما كانت تطلق على السهام التي كانت يتفاءل بها عند ابتداء الأمور والعزيمة عليها كالخروج إلى سفر ونحوه لكن اللفظ قد وقع في أول السورة للمعنى الأول لوقوعه بين محرمات الاكل فيتأيد بذلك كون المراد به هيهنا هو ذلك.
فان قلت: الميسر بعمومه يشمل الأزلام بالمعنى الاخر الذي هو الاستقسام بالاقداح، ولا وجه لا يراد الخاص بعد العام من غير نكتة ظاهرة فالمتعين حمل اللفظ على سهام التفؤل والخيرة التي كان العمل بها معروفا عندهم في الجاهلية قال الشاعر:
فلئن جذيمة قتلت ساداتها * فنساؤها يضربن بالأزلام وهو - كما روى - أنهم كانوا يتخذون أخشابا ثلاثة رقيقة كالسهام أحدها مكتوب عليه " افعل " والثاني مكتوب عليه " لا تفعل " والثالث غفل لا كتابة عليه فيجعلها الضارب في خريطة معه وهى متشابهة فإذا أراد الشروع في أمر يهمه كالسفر وغير ذلك أخرج واحدا منها فإن كان الذي عليه مكتوب " افعل " عزم عليه، وإن خرج الذي مكتوب عليه " لا تفعل " تركه، وإن خرج الثالث أعاد الضرب حتى يخرج واحد من الأولين، وسمى استقساما لان فيه طلب ما قسم له من رزق أو خير آخر من الخيرات.
فالآية تدل على حرمته لان فيه تعرضا لدعوى علم الغيب، وكذا كل ما يشاكله من الأعمال كأخذها الخيرة بالسبحة ونحوها.
قلت: قد عرفت أن الآية في أول السورة: " وأن تستقسموا بالأزلام " ظاهرة في الاستقسام بالاقداح الذي هو نوع من القمار لوقوعه في ضمن محرمات الاكل، ويتأيد به أن ذلك هو المراد بالأزلام في هذه الآية.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376