على الأنبياء فمن مقتول كزكريا ومذبوح كيحيى ومشرد كعيسى إلى غير ذلك.
نعم إذا توقف ظهور الحق بحقانيته على انتقاض نظام العادة دون السنة الواقعية وبعبارة أخرى دار أمر الحق بين الحياة والموت كان على الله سبحانه أن يقيم صلب الدين ولا يدعه تدحض حجته وقد مر شطر من هذا البحث في القول على الاعجاز في الجزء الأول من الكتاب وفي الكلام على أحكام الأعمال في الجزء الثاني منه.
ولنرجع إلى ما كنا فيه فقول هؤلاء الطائفة الذين أهمتهم أنفسهم هل لنا من الامر من شئ تشكك في حقية الدين وقد أدرجوا في هيكله روح الوثنية على ما مر بيانه فأمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبهم فقال قل إن الامر كله لله وقد خاطب نبيه قبل ذلك بقوله ليس لك من الامر شئ فبين بذلك أن ملة الفطرة ودين التوحيد هو الذي لا يملك فيه الامر إلا الله جل شأنه وباقي الأشياء ومنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست بمؤثرة شيئا بل هي في حيطة الأسباب والمسببات والسنة الإلهية التي تؤدى إلى جريان ناموس الابتلاء والامتحان.
قوله تعالى يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان الخ وهذا توصيف لهم بما هو أشد من قولهم هل لنا من الامر من شئ فإنه كان تشكيكا في صورة السؤال وهذا أعني قولهم لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا هيهنا ترجيح في هيئة الاستدلال ولذلك أبدوا قولهم الأول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخفوا قولهم الثاني لاشتماله على ترجيح الكفر على الاسلام.
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبهم فقال قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلى الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم فبين لهم أولا أن قتل من قتل منكم في المعركة ليس لعدم كونكم على الحق وعدم كون الامر لكم على ما تزعمون بل لان القضاء الإلهي وهو الذي لا مناص من نفوذه ومضيه جرى على أن يضطجع هؤلاء المقتولون في هذه المضاجع فلو لم تكونوا خرجتم إلى القتال لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم فلا مفر من الاجل المسمى الذي