قوله تعالى ورابطوا أعم معنى من المصابرة وهي إيجاد الجماعة الارتباط بين قواهم وأفعالهم في جميع شؤون حياتهم الدينية أعم من حال الشدة وحال الرخاء ولما كان المراد بذلك نيل حقيقة السعادة المقصودة للدنيا والآخرة وإلا فلا يتم بها إلا بعض سعادة الدنيا وليست بحقيقة السعادة عقب هذه الأوامر بقوله تعالى واتقوا الله لعلكم تفلحون يعنى الفلاح التام الحقيقي.
كلام في المرابطة في المجتمع الاسلامي 1 - الانسان والاجتماع كون النوع الانساني نوعا اجتماعيا لا يحتاج في إثباته إلى كثير بحث فكل فرد من هذا النوع مفطور على ذلك ولم يزل الانسان يعيش في حال الاجتماع على ما يحكيه التاريخ والآثار المشهودة الحاكية لأقدم العهود التي كان هذا النوع يعيش فيها ويحكم على هذه الأرض.
وقد أنبأ عنه القرآن أحسن إنباء في آيات كثيرة كقوله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا الآية " الحجرات - 13 " وقال تعالى نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا: الزخرف - 32 وقال تعالى بعضكم من بعض:
آل عمران - 195 وقال تعالى وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا:
الفرقان - 54 إلى غير ذلك (1).
2 - الانسان ونموه في اجتماعه الاجتماع الانساني كسائر الخواص الروحية الانسانية وما يرتبط بها لم يوجد حين وجد تاما كاملا لا يقبل النماء والزيادة بل هو كسائر الأمور الروحية الادراكية الانسانية لم يزل يتكامل بتكامل الانسان في كمالاته المادية والمعنوية وعلى الحقيقة لم يكن من المتوقع أن يستثنى هذه الخاصة من بين جميع الخواص الانسانية فتظهر أول ظهورها تامة كاملة أتم ما يكون وأكمله بل هي كسائر الخواص الانسانية التي لها ارتباط بقوتى العلم والإرادة تدريجية الكمال في الانسان.
والذي يظهر من التأمل في حال هذا النوع أن أول ما ظهر من الاجتماع فيه