لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.
وثانيا أن سنة الله جرت على عموم الابتلاء والتمحيص وهى واقعة بهم وبكم لا محالة فلم يكن بد من خروجكم ووقوع هذا القتال حتى يحل المقتولون محلهم وينالوا درجاتهم وتحلوا أنتم محلكم فيتعين لكم أحد جانبي السعادة والشقاوة بامتحان ما في صدوركم من الأفكار وتخليص ما في قلوبكم من الايمان والشرك.
ومن عجيب ما ذكر في هذه الآية قول عدة من المفسرين أن المراد بهذه الطائفة التي تشرح الآية حالها هم المنافقون مع ظهور سياق الآيات في أنها تصف حال المؤمنين وأما المنافقون أعني أصحاب عبد الله بن أبي المنخذلين في أول الوقعة قبل وقوع القتال فإنما يتعرض لحالهم فيما سيأتي.
اللهم إلا أن يريدوا بالمنافقين الضعفاء الايمان الذين يعود عقائدهم المتناقضة بحسب اللازم إلى إنكار الحق قلبا والاعتراف به لسانا وهم الذين يسميهم الله بالذين في قلوبهم مرض قال تعالى إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم: الأنفال - 49 وقال وفيكم سماعون لهم: التوبة - 47 أو يريدوا أن جميع المنافقين لم يرجعوا مع أصحاب عبد الله بن أبي إلى المدينة.
وأعجب منه قول بعض آخر أن هذه الطائفة كانوا مؤمنين وأنهم كانوا يظنون أن أمر النصر والغلبة إليهم لكونهم على دين الله الحق لما رأوا من الفتح والظفر ونزول الملائكة يوم بدر فقولهم هل لنا من الامر من شئ وقولهم لو كان لنا من الامر شئ الخ اعتراف منهم بأن الامر إلى الله لا إليهم وإلا لم يستأصلهم القتل.
ويرد عليه عدم استقامة الجواب حينئذ وهو قوله تعالى قل إن الامر كله لله وقوله قل لو كنتم في بيوتكم الخ وقد أحس بعض هؤلاء بهذا الاشكال فأجاب عنه بما هو أردأ من أصل كلامه وقد عرفت ما هو الحق من المعنى.
قوله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا استزلال الشيطان إياهم إرادته وقوعهم في الزلة ولم يرد ذلك منهم إلا بسبب بعض ما كسبوا في نفوسهم ومن أعمالهم فإن السيئات يهدى بعضها إلى بعض فإنها مبنية على متابعة هوى النفس وهوى النفس للشئ هوى لما يشاكله