يلح في الدعاء والمسألة لاجلها لا يريد سواها ثم لما استجيب دعاؤه وأعطى مسألته كان في ذلك هلاكه وخيبة سعيه في الحياة.
وثانيا الإشارة إلى أن يكون المسؤول ما لا يبطل به الحكمة الإلهية في هذا الفضل الذي قرره الله تعالى بتشريع أو تكوين فمن الواجب أن يسألوا شيئا من فضل الله الذي اختص به غيرهم فلو سأل الرجال ما للنساء من الفضل أو بالعكس ثم أعطاهم الله ذلك بطلت الحكمة وفسدت الاحكام والقوانين المشرعة فافهم.
فينبغي للانسان إذا دعا الله سبحانه عندما ضاقت نفسه لحاجة أن لا يسأله ما في أيدي الناس مما يرفع حاجته بل يسأله مما عنده وإذا سأله مما عنده أن لا يعلم لربه الخبير بحاله طريق الوصول إلى حاجته بل يسأله أن يرفع حاجته بما يعلمه خيرا من عنده.
وأما قوله تعالى إن الله كان بكل شئ عليما فتعليل للنهي في صدر الآية أي لا تتمنوا ما أعطاه الله من فضله من أعطاه الله إن الله بكل شئ عليم لا يجهل طريق المصلحة ولا يخطئ في حكمه.
(كلام في حقيقية قرآنية) اختلاف القرائح والاستعدادات في اقتناء مزايا الحياة في أفراد الانسان مما ينتهي إلى أصول طبيعية تكوينية لا مناص عن تأثيرها في فعلية اختلاف درجات الحياة وعلى ذلك جرى الحال في المجتمعات الانسانية من أقدم عهودها إلى يومنا هذا فيما نعلم.
فقد كانت الافراد القوية من الانسان يستعبدون الضعفاء ويستخدمونهم في سبيل مشتهياتهم وهوى نفوسهم من غير قيد أو شرط وكان لا يسع لأولئك الضعفاء المساكين إلا الانقياد لأوامرهم ولا يهتدون إلا إلى إجابتهم بما يشتهونه ويريدونه منهم لكن القلوب ممتلئة غيظا وحنقا والنفوس متربصة ولا يزال الناس على هذه السنة التي ابتدأت سنة شيوخية وانتهت إلى طريقة ملوكية وإمبراطورية.
حتى إذا وفق النوع الانساني بالنهضة بعد النهضة على هدم هذه البنية المتغلبة وإلزام أولياء الحكومة والملك على اتباع الدساتير والقوانين الموضوعة لصلاح المجتمع وسعادته فارتحلت بذلك حكومة الإرادات الجزافية وسيطرة السنن الاستبدادية ظاهرا وارتفع