لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما " الأعراف - 27 " فظهور الآية في شخصية آدم مما لا ينبغي أن يرتاب فيه.
وكذا قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا: أسرى - 62 وكذا الآية المبحوث عنها يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء الآية بالتقريب الذي مر بيانه.
فالآيات كما ترى تأبى أن يسمى الانسان آدم باعتبار وابن آدم باعتبار آخر وكذا تأبى أن تنسب الخلقة إلى التراب باعتبار وإلى النطفة باعتبار آخر وخاصة في مثل قوله تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الآية وإلا لم يستقم استدلال الآية على كون خلقه عيسى خلقة استثنائية ناقضة للعادة الجارية فالقول بأدم النوعي في حد التفريط والافراط الذي يقابله قول بعضهم إن القول بخلق أزيد من آدم واحد كفر ذهب إليه زين العرب من علماء أهل السنة.
(كلام في أن الانسان نوع مستقل) (غير متحول من نوع آخر) الآيات السابقة تكفي مؤونة هذا البحث فإنها تنهي هذا النسل الجاري بالنطفة إلى آدم وزوجته وتبين أنهما خلقا من تراب فالانسانية تنتهي إليهما وهما لا يتصلان بآخر يماثلهما أو يجانسهما وإنما حدثا حدوثا.
والشائع اليوم عند الباحثين عن طبيعة الانسان أن الانسان الأول فرد تكامل إنسانا وهذه الفرضية بخصوصها وإن لم يتسلمها الجميع تسلما يقطع الكلام واعترضوا عليه بأمور كثيرة مذكورة في الكتب لكن أصل الفرضية وهي أن الانسان حيوان تحول إنسانا مما تسلموه وبنوا عليه البحث عن طبيعة الانسان.
فإنهم فرضوا أن الأرض وهي أحد الكواكب السيارة قطعة من الشمس