وأفلاطون وأرسطو وغيرهم إلا أنها كانت أوراقا وصحائف لا ترد مورد العمل، ومثلا ذهنية لا تنزل مرحلة العين والخارج والتاريخ الموروث أعدل شاهد على صدق ما ذكرناه.
فأول نداء قرع سمع النوع الانساني ودعى به هذا النوع إلى الاعتناء بأمر الاجتماع بجعله موضوعا مستقلا خارجا عن زاوية الاهمال وحكم التبعية هو الذي نادى به صادع الاسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، فدعى الناس بما نزل عليه من آيات ربه إلى سعادة الحياة وطيب العيش مجتمعين قال تعالى: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم " الانعام: 153 " وقال: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إلى أن قال: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (يشير إلى حفظ المجتمع عن التفرق والانشعاب) وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات " آل عمران: 105 " وقال: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ " الانعام: 159 " إلى غير ذلك من الآيات المطلقة الداعية إلى أصل الاجتماع والاتحاد.
وقال تعالى: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم " الحجرات: 10 " وقال ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " الأنفال: 46 " وقال: وتعاونوا على البر والتقوى " المائدة: 2 " وقال ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " آل عمران: 104 " إلى غير ذلك من الآيات الآمرة ببناء المجتمع الاسلامي على الاتفاق والاتحاد في حيازة منافعها ومزاياها المعنوية والمادية والدفاع عنه على ما سنوضحه بعض الايضاح. 4 - اعتبار الاسلام رابطة الفرد والمجتمع الصنع والايجاد يجعل أولا أجزاءا ابتدائية لها آثار وخواص ثم يركبها ويؤلف بينها على ما فيها من جهات البينونة فيستفيد منها فوائد جديدة مضافة إلى ما للاجزاء من الفوائد المشهودة فالانسان مثلا له أجزاء وأبعاض وأعضاء وقوى لها فوائد متفرقة مادية وروحية ربما ائتلفت فقويت وعظمت كثقل كل واحد من الاجزاء وثقل المجموع والتمكن والانصراف من جهة إلى جهة وغير ذلك وربما لم تأتلف وبقيت على حال التبائن والتفرق كالسمع والبصر والذوق والإرادة والحركة إلا أنها جميعا من جهة الوحدة في التركيب تحت سيطرة