والسيرة العملية التي تندب إليها وتقرها بين أفراد المجتمع وطبقاته ثم قاس ذلك إلى ما يشاهد من سنن السؤدد والسيادة والتحكمات في المجتمعات المتمدنة بين طبقاتها وأفرادها أنفسها وبين كل امه قوية وضعيفة.
وأما من حيث الاحكام فالتوسعة فيما أباحه الله من طيبات الرزق ومزايا الحياة المعتدلة من غير إفراط أو تفريط قال تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق الآية " الأعراف - 32 " وقال تعالى خلق لكم ما في الأرض جميعا " البقرة:
29 وقال تعالى وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه: الجاثية - 13.
ومن عجيب الامر ما رامه بعض الباحثين والمفسرين وتكلف فيه من إثبات حرية العقيدة في الاسلام بقوله تعالى لا إكراه في الدين " البقرة - 256 " وما يشابهه من الآيات الكريمة.
وقد مر البحث التفسيري عن معنى الآية في سورة البقرة والذي نضيف إليها هيهنا أنك عرفت أن التوحيد أساس جميع النواميس الاسلامية ومع ذلك كيف يمكن أن يشرع حرية العقائد؟ وهل ذلك إلا التناقض الصريح؟ فليس القول بحرية العقيدة إلا كالقول بالحرية عن حكومة القانون في القوانين المدنية بعينه.
وبعبارة أخرى العقيدة بمعنى حصول إدراك تصديقي ينعقد في ذهن الانسان ليس عملا اختياريا للانسان حتى يتعلق به منع أو تجويز أو استعباد أو تحرير وإنما الذي يقبل الحظر والإباحة هو الالتزام بما تستوجبه العقيدة من الأعمال كالدعوة إلى العقيدة وإقناع الناس بها وكتابتها ونشرها وإفساد ما عند الناس من العقيدة والعمل المخالفين لها فهذه هي التي تقبل المنع والجواز ومن المعلوم أنها إذا خالفت مواد قانون دائر في المجتمع أو الأصل الذي يتكي عليه القانون لم يكن مناص من منعها من قبل القانون ولم يتك الاسلام في تشريعه على غير دين التوحيد (التوحيد والنبوة والمعاد) وهو الذي يجتمع عليه المسلمون واليهود والنصارى والمجوس (أهل الكتاب) فليست الحرية إلا فيها وليست فيما عداها إلا هدما لأصل الدين نعم هيهنا حرية أخرى وهي الحرية من حيث إظهار العقيدة في مجرى البحث وسنبحث عنها في الفصل 14 الآتي.
10 - ما هو الطريق إلى التحول والتكامل في المجتمع الاسلامي؟ ربما أمكن