تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٤ - الصفحة ٤٨
وهذا هو الظن بغير الحق الذي هو ظن الجاهلية فإن وثنية الجاهلية كانت تعتقد أن الله تعالى خالق كل شئ وأن لكل صنف من أصناف الحوادث كالرزق والحياة والموت والعشق والحرب وغيرها وكذا لكل نوع من الأنواع الكونية كالانسان والأرض والبحار وغيرها ربا يدبر أمرها لا يغلب على إرادته وكانوا يعبدون هؤلاء الأرباب ليدروا لهم الرزق ويجلبوا لهم السعادة ويقوهم من الشرور والبلايا والله سبحانه كالملك العظيم يفوض كل صنف من أصناف رعيته وكل شطر من أشطار ملكه إلى وال تام الاختيار له أن يفعل ما يشاؤه في منطقة نفوذه وحوزة ولايته.
وإذا ظن الظان أن الدين الحق لا يصير مغلوبا في ظاهر تقدمه والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أول من يتحمله من ربه ويحمل أثقاله لا يقهر في ظاهر دعوته أو أنه لا يقتل أو لا يموت فقد ظن بالله غير الحق ظن الجاهلية فاتخذ لله أندادا وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربا وثنيا مفوضا إليه أمر الغلبة والغنيمة مع أن الله سبحانه واحد لا شريك له إليه يرجع الامر كله وليس لاحد من الامر شئ ولذلك لما قال تعالى فيما تقدم من الآيات ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين قطع الكلام بالاعتراض فقال يخاطب نبيه ليس لك من الامر شئ لئلا يتوهم أن له صلى الله عليه وآله وسلم دخلا في قطع أو كبت والله سبحانه هو الذي وضع سنة الأسباب والمسببات فما كان سببه أقوى كان وقوعه أرجح سواء في ذلك الحق والباطل والخير والشر والهداية والضلالة والعدل والظلم ولا فرق فيه بين المؤمن والكافر والمحبوب والمبغوض ومحمد وأبى سفيان. نعم لله سبحانه عناية خاصه بدينه وبأوليائه يجرى نظام الكون بسببها جريا ينجر إلى ظهور الدين وتمهد الأرض لأوليائه والعاقبة للمتقين.
وأمر النبوة والدعوة ليس بمستثنى من هذه السنة الجارية ولذلك كلما توافقت الأسباب العادية على تقدم هذا الدين وظهور المؤمنين كبعض غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ذلك وحيث لم يتوافق الأسباب كتحقق نفاق أو معصية لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو فشل أو جزع كانت الغلبة والظهور للمشركين على المؤمنين وكذلك الحال في أمر سائر الأنبياء مع الناس فإن أعداء الأنبياء لكونهم أهل الدنيا وقصرهم مساعيهم في عمارة الدنيا وبسط القدرة وتشديد القوة وجمع الجموع كانت الغلبة الظاهرية والظهور لهم
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة آل عمران 4
2 (130 - 138) تعليم القرآن وقرانه العلم بالعمل (بحث قرآني) 18
3 (139 - 148) كلام في الامتحان وحقيقته. (بحث قرآني) 31
4 (149 - 155) معنى العفو والمغفرة في القرآن. (بحث قرآني) 51
5 (172 - 175) كلام في التوكل. (بحث قرآني) 65
6 (172 - 175) فهرس أسامي شهداء أحد. (بحث تاريخي) 74
7 (190 - 199) مقايسة بين القرآن والتوراة في أمر النساء. (بحث فلسفي) 89
8 (200) كلام في المرابطة في المجتمع الاسلامي في فصول: (200) 1 - الانسان والاجتماع. (بحث قرآني) 92
9 (200) 2 - الانسان ونموه في اجتماعه. (بحث قرآني) 92
10 (200) 3 - الاسلام وعنايته بالاجتماع. (بحث قرآني) 94
11 (200) 4 - اعتبار الاسلام رابطة الفرد والمجتمع. (بحث قرآني) 95
12 5 - هل تقبل سنة الاسلام الاجتماعية (200) الاجزاء والبقاء؟ (بحث قرآني) 98
13 (200) 6 - بماذا يتكون ويعيش الاجتماع الاسلامي؟ (بحث قرآني) 107
14 (200) 7 - منطقان منطق التعقل ومنطق الاحساس (بحث قرآني) 112
15 8 - ما معنى ابتغاء الاجر عند الله (200) والاعراض عن غيره؟ (بحث قرآني) 114
16 (200) 9 - ما معنى الحرية في الاسلام؟ (بحث قرآني) 116
17 10 - ما هو الطريق إلى التحول والكامل (200) في المجتمع الاسلامي؟ (بحث قرآني) 117
18 11 - هل الدين يفي بإسعاد هذه الحياة (200) الحاضرة؟ (بحث قرآني) 120
19 12 - من الذي يتقلد ولاية المجتمع في (200) الاسلام؟ وما سيرته؟ (بحث قرآني) 121
20 (200) 13 - ثغر المملكة الاسلامية هو الاعتقاد دون الحدود الطبيعية أو الاصطلاحية. (بحث قرآني) 125
21 (200) 14 - الاسلام اجتماعي بجميع شؤونه. (بحث قرآني) 126
22 (200) 15 - الدين الحق هو الغالب على الدنيا بالآخرة. (بحث قرآني) 131
23 سورة النساء 134
24 (1) في عمر النوع الانساني والانسان الأولي. (بحث قرآني) 139
25 (1) في أن النسل الحاضر ينتهي إلى آدم وزوجته. (بحث قرآني) 141
26 (1) في أن الانسان نوع مستقل غير متحول من نوع آخر. (بحث قرآني) 143
27 (1) في تناسل الطبقة الثانية من الانسان. (بحث قرآني) 144
28 (2 - 6) في الجاهلية الأولى. (بحث قرآني) 151
29 (2 - 6) كيف ظهرت الدعوة الاسلامية؟ (بحث قرآني) 155
30 (2 - 6) في أن جميع المال لجميع الناس ثم الاختصاص. (بحث قرآني) 171
31 (2 - 6) بحث علمي في فصول ثلاثة: (2 - 6) 1 - النكاح من مقاصد الطبيعة. (بحث علمي) 178
32 (2 - 6) 2 - استيلاء الذكور على الإناث. (بحث علمي) 182
33 (2 - 6) 3 - تعدد الزوجات. (بحث علمي) 182
34 (2 - 6) في تعدد أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (بحث علمي) 195
35 (7 - 10) في رجوع العمل إلى صاحبه. (بحث قرآني) 201
36 (11 - 14) كلام في الإرث على وجه كلي. (بحث قرآني) 212
37 (11 - 14) بحث علمي في فصول: (بحث علمي) 222
38 (11 - 14) 1 - ظهور الإرث. (بحث علمي) 222
39 (11 - 14) 2 - تحول الإرث تدريجا. (بحث علمي) 223
40 (11 - 14) 3 - الوراثة بين الأمم المتمدنة. (بحث علمي) 224
41 (11 - 14) 4 - ماذا صنع الاسلام والظرف هذا الظرف؟ (بحث علمي) 226
42 5 - علام استقر حال النساء والأيتام في (11 - 14) الاسلام؟ (بحث علمي) 228
43 (11 - 14) 6 - قوانين الإرث الحديثة. (بحث علمي) 231
44 (11 - 14) 7 - مقايسة ما بين هذه السنن. (بحث علمي) 232
45 (11 - 14) 8 - الوصية. (بحث علمي) 233
46 (17 - 18) كلام في التوبة وفيه أبحاث. (بحث قرآني) 244
47 (23 - 28) كلام في معنى الابن شرعا. (بحث علمي) 311
48 (23 - 28) في حكمة تحريم محرمات النكاح. (بحث علمي) 313
49 (31) كلام في الكبائر والصغائر وتكفير السيئات. (بحث قرآني) 324
50 (32 - 35) كلام في حقيقة قرآنية. (بحث قرآني) 339
51 (32 - 35) كلام في معنى قيمومة الرجال على النساء. (بحث قرآني) 346
52 (71 - 76) كلام في الغيرة والعصبية. (بحث قرآني) 420