قوله تعالى وندخلكم مدخلا كريما المدخل بضم الميم وفتح الخاء اسم مكان والمراد منه الجنة أو مقام القرب من الله سبحانه وإن كان مرجعهما واحدا.
(كلام في الكبائر والصغائر وتكفير السيئات) لا ريب في دلالة قوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم الآية على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر سميت في الآية بالسيئات ونظيرها في الدلالة قوله تعالى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها الآية: الكهف - 49 إذ إشفاقهم مما في الكتاب يدل على أن المراد بالصغيرة والكبيرة صغائر الذنوب وكبائرها.
وأما السيئة فهى بحسب ما تعطيه مادة اللفظ وهيئته هي الحادثة أو العمل الذي يحمل المساءة ولذلك ربما يطلق لفظها على الأمور والمصائب التي يسوء الانسان وقوعها كقوله تعالى وما أصابك من سيئة فمن نفسك الآية: النساء - 79 وقوله تعالى ويستعجلونك بالسيئة الآية: الرعد - 6 وربما اطلق على نتائج المعاصي وآثارها الخارجية الدنيوية والأخروية كقوله تعالى فأصابهم سيئات ما عملوا الآية:
النحل - 34 وقوله تعالى سيصيبهم سيئات ما كسبوا: الزمر - 51 وهذا بحسب الحقيقة يرجع إلى المعنى السابق وربما اطلق على نفس المعصية كقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها الآية: الشورى - 40 والسيئة بمعنى المعصية ربما أطلقت على مطلق المعاصي أعم من الصغائر والكبائر كقوله تعالى أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون:
الجاثية - 21 إلى غير ذلك من الآيات.
وربما أطلقت على الصغائر خاصة كقوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم الآية إذ مع فرض اجتناب الكبائر لا تبقى للسيئات إلا الصغائر.
و بالجملة دلالة الآية على انقسام المعاصي إلى الصغائر والكبائر بحسب القياس الدائر بين المعاصي أنفسها مما لا ينبغي أن يرتاب فيه.
وكذا لا ريب أن الآية في مقام الامتنان وهى تقرع أسماع المؤمنين بعناية لطيفة