وتشتت الكلمة واختلافها بينهم وربما أيده ما في آخر هذه الآيات من قوله الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم إلى أن قال ذلكم الشيطان يخوف أوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين الآيات: 173 - 175. وربما قيل إن الآية إشارة إلى قول اليهود والمنافقين يوم أحد إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى عشائركم وليس بشئ.
ثم لما بين أن إطاعتهم للذين كفروا والميل إلى ولايتهم يهديهم إلى الخسران الذي هو رجوعهم إلى أعقابهم كافرين أضرب عنه بقوله بل الله موليكم وهو خير الناصرين.
قوله تعالى سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله الخ وعد جميل للمؤمنين بأنهم سينصرون بالرعب ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكره فيما حباه الله تعالى وخصه به من بين الأنبياء على ما رواه الفريقان.
وقوله بما أشركوا معناه اتخذوا له ما ليس معه برهان شريكا ومما يكرره القرآن أن ليس لاثبات الشريك لله سلطان ومن إثبات الشريك نفى الصانع وإسناد التأثير والتدبير إلى غيره كالدهر والمادة.
قوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم إلى آخر الآية الحس بالفتح القتل على وجه الاستيصال.
ولقد اتفقت الروايات وضبطه التاريخ في قصة غزوة أحد أن المؤمنين غلبوهم وظهروا عليهم في أول الامر ووضعوا فيهم السيوف وشرعوا في نهب أموالهم حتى إذا خلى الرماة مكانهم في المكمن حمل الخالد بن الوليد فيمن معه على عبد الله بن جبير ومن بقي معه من الرماة فقتلوهم وحملوا على المؤمنين من ورائهم وتراجع المشركون عن هزيمتهم ووضعوا السيوف في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقتلوا منهم سبعين ثم هزموهم أشد هزيمة.
فقوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده تثبيت صدق وعده بالنصر بشرط التقوى والصبر وقوله إذ تحسونهم بإذنه يقبل الانطباق على ما رزقهم في أول الامر من الظهور على عدوهم يوم أحد وقوله حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ينطبق على ما صنعه الرماة حيث تنازعوا فيما بينهم في ترك