يوضع فيه فقول القائل سمعنا من حقه أن يوضع في موضع الطاعة فيقال سمعنا وأطعنا لا أن يقال سمعنا وعصينا أو يوضع سمعنا موضع التهكم والاستهزاء وكذا قول القائل اسمع ينبغي أن يقال فيه اسمع أسمعك الله لا أن يقال اسمع غير مسمع أي لا أسمعك الله وراعنا وهو يفيد في لغة اليهود معنى اسمع غير مسمع.
وقوله ليا بألسنتهم وطعنا في الدين أصل اللي الفتل أي يميلون بألسنتهم فيظهرون الباطل من كلامهم في صورة الحق والازراء والإهانة في صور التأدب والاحترام فإن المؤمنين كانوا يخاطبون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ما كانوا يكلمونه بقولهم راعنا يا رسول الله ومعناه انظرنا واسمع منا حتى نوفي غرضنا من كلامنا فاغتنمت اليهود ذلك فكانوا يخاطبون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم راعنا وهم يريدون به ما عندهم من المعنى المستهجن غير الحري بمقامه صلى الله عليه وآله وسلم فذموا به في هذه الآية وهو قوله تعالى " ويحرفون الكلم عن مواضعه " ثم فسره بقوله " ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع ثم عطف عليه كعطف التفسير قوله وراعنا ثم ذكر أن هذا الفعال المذموم منهم لي بالألسن وطعن في الدين فقال ليا بألسنتهم وطعنا في الدين والمصدران في موضع الحال والتقدير لاوين بألسنتهم وطاعنين في الدين.
قوله تعالى ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا لكان خيرا لهم وأقوم كون هذا القول منهم وهو مشتمل على أدب الدين والخضوع للحق خيرا وأقوم مما قالوه مع اشتماله على اللي والطعن المذمومين ولا خير فيه ولا قوام) مبني على مقايسة الأثر الحق الذي في هذا الكلام الحق على ما يظنونه من الأثر في كلامهم وإن لم يكن له ذلك بحسب الحقيقة فالمقايسة بين الأثر الحق وبين الأثر المظنون حقا والمعنى أنهم لو قالوا سمعنا وأطعنا لكان فيه من الخير والقوام أكثر مما يقدرون في أنفسهم لهذا اللي والطعن فالكلام يجرى مجرى قوله تعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين: الجمعة - 11.
قوله تعالى ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا تأييس للسامعين من أن تقول اليهود سمعنا وأطعنا فإنه كلمة إيمان وهؤلاء ملعونون لا يوفقون للايمان ولذلك قيل لو أنهم قالوا الدال على التمني المشعر بالاستحالة. والظاهر أن الباء في قوله بكفرهم للسببية دون الآية فإن الكفر يمكن