مسانخ للملك على الفضائل المعنوية وذيل الآية: " فإذن لا يؤتون الناس نقيرا " يدل على ملك الماديات أو ما يشمل ذلك فالمراد به الأعم من ملك الماديات والمعنويات.
فيؤول معنى الآية إلى نحو قولنا أم لهم نصيب من الملك الذي أنعم الله به على نبيه بالنبوة والولاية والهداية ونحوه ولو كان لهم ذلك لم يؤتوا الناس أقل القليل الذي لا يعتد به لبخلهم وسوء سريرتهم فالآية قريبة المضمون من قوله تعالى قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الانفاق: الاسراء - 100.
قوله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله وهذا آخر الشقوق الثلاثة المذكورة ووجه الكلام إلى اليهود جوابا عن قضائهم على المؤمنين بأن دين المشركين اهدى من دينهم.
والمراد بالناس على ما يدل عليه هذا السياق هم الذين آمنوا وبما آتاهم الله من فضله هو النبوة والكتاب والمعارف الدينية غير أن ذيل الآية فقد آتينا آل إبراهيم الخ يدل على أن هذا الذي اطلق عليه الناس من آل إبراهيم فالمراد بالناس حينئذ هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما انبسط على غيره من هذا الفضل المذكور في الآية فهو من طريقه وببركاته العالية وقد تقدم في تفسير قوله تعالى إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم الآية: آل عمران - 33 أن آل إبراهيم هو النبي وآله.
وإطلاق الناس على المفرد لا ضير فيه فإنه على نحو الكناية كقولك لمن يتعرض لك ويؤذيك لا تتعرض للناس وما لك وللناس؟ تريد نفسك أي لا تتعرض لي.
قوله تعالى فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة الجملة إيئاس لهم في حسدهم وقطع لرجائهم زوال هذه النعمة وانقطاع هذا الفضل بأن الله قد أعطى آل إبراهيم من فضله ما أعطى وآتاهم من رحمته ما آتي فليموتوا بغيظهم فلن ينفعهم الحسد شيئا.
ومن هنا يظهر أن المراد بآل إبراهيم إما النبي وآله من أولاد إسماعيل أو مطلق آل إبراهيم من أولاد إسماعيل وإسحاق حتى يشمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو المحسود عند اليهود بالحقيقة وليس المراد بآل إبراهيم بني إسرائيل من نسل إبراهيم فإن الكلام على هذا التقدير يعود تقريرا لليهود في حسدهم النبي أو المؤمنين لمكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهم