به شيئا وعلله بقوله إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا وذكر أنه البخيل بماله والمنفق لرئاء الناس فهم الذين يشركون بالله ولا يعبدونه وحده ثم قال وما ذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا وظهر بذلك أن شركهم عدم إيمانهم باليوم الآخر وقال تعالى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب: ص - 26 فبين أن الضلال باتباع الهوى وكل شرك ضلال إنما هو بنسيان يوم الحساب ثم قال أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم: الجاثية - 23 فبين أن اتباع الهوى عبادة له وشرك به.
فتبين بذلك كله أن التوحيد العملي أن يعمل الانسان ابتغاء مثوبة الله وهو على ذكر من يوم الحساب الذي فيه ظهور المثوبات والعقوبات وأن الشرك في العمل أن ينسى اليوم الآخر ولو آمن به لم ينسه وأن يعمل عمله لا لطلب مثوبة بل لما يزينه له هواه من التعلق بالمال أو حمد الناس ونحو ذلك فقد أشخص هذا الانسان هواه تجاه ربه وأشرك به.
فالمراد بعبادة الله والاخلاص له فيها أن يكون طلبا لمرضاته وابتغاء لمثوبته لا لاتباع الهوى.
قوله تعالى وبالوالدين إحسانا إلى قوله أيمانكم الظاهر أن قوله إحسانا مفعول مطلق لفعل مقدر تقديره وأحسنوا بالوالدين إحسانا والاحسان يتعدى بالباء وإلى معا يقال أحسنت به وأحسنت إليه وقوله وبذي القربى هو وما بعده معطوف على الوالدين وذو القربى القرابة وقوله والجار ذي القربى والجار الجنب قرينة المقابلة في الوصف تعطى أن يكون المراد بالجار ذي القربى الجار القريب دارا وبالجار الجنب وهو الأجنبي الجار البعيد دارا وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تحديد الجوار بأربعين ذراعا: وفي رواية: أربعون دارا ولعل الروايتين ناظرتان إلى الجار ذي القربى والجار الجنب.
وقوله والصاحب بالجنب هو الذي يصاحبك ملازما لجنبك وهو بمفهومه يعم مصاحب السفر من رفقة الطريق ومصاحب الحضر والمنزل وغيرهم وقوله وابن السبيل هو الذي لا يعرف من حاله إلا أنه سالك سبيل كأنه ليس له من ينتسب إليه إلا السبيل فهو ابنه وأما كونه فقيرا ذا مسكنة عادما لزاد أو راحلة فكأنه خارج