حسنه، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف (1).
فالمراد فيه من الحرف الكلمة، فيحتمل أنه سبحانه أراد بها الحروف الملفوظة على قصد تعديدها أو تسمية بعض السور، أو القرآن، أو ذاته سبحانه بقسم أو غير قسم.
فالنكتة في ذلك التعديد أو التسمية على هذا الوجه أمران:
الأول: أنه لما كانت مسميات هذه الأسماء بسائط الكلام التي يتركب منها، افتتحت السور بطائفة منها على وجه التعديد أو التسمية بها، تنبيها لمن تحدى بالقرآن على أن المتلو عليهم كلام منظوم مما ينظمون منه كلامهم، فلو كان من عند غير الله لما عجزوا عن الاتيان بما يدانيه.
والثاني: أن تكون أول ما يقرع الاسماع مستقلا بنوع من الاعجاز، فإن النطق بأسماء الحروف مخصوص بمن خط ودرس، فأما الأمي الذي لم يخالط أهل الكتاب فمستبعد مستغرب خارق للعادة كالتلاوة والكتابة، وقد راعى في ذلك ما يعجز عنه الأديب الاريب الفائق في فنه، من إيراد نصف أسماء الحروف بحيث ينطوي على أنصاف مسمياتها تحقيقا وتقريبا في تسعة وعشرين سورة على عدد الحروف، مع نكات اخر.
قيل: ويمكن أن تكون تلك الحروف الملفوظة باعتبار مخارجها إشارة إلى معان دقيقة لطيفة، كما يشيرون بالألف باعتبار مخرجها الذي هو أقصى الحلق إلى مرتبة الغيب، وبالميم باعتبار مخرجها الذي هو الشفة إلى مرتبة الشهادة، وبمخرج اللام الواقع بينهما إلى ما يتوسط من المراتب، فالمشار إليه (ألم) مرتبة الغيب والشهادة وما بينهما، وذلك المشار إليه هو الكتاب الوجودي الذي لا يخرج منه شئ.
ويمكن حملها على معانيها الحسابية إشارة إلى مدد أقوام وآجال أو غير ذلك بحساب ذلك.