تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦٨
(صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القران، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عز وجل خص محمدا و شرفه بها، ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان فإنه أعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطاهرين، منقادا لأمرهم، مؤمنا بظاهرهم وباطنهم، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل حسنة منها أفضل من الدنيا وما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع قارئا يقرؤها كان له ما للقارئ، فليشكر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة لا يذهبن أوانه فيبقي في قلوبكم الحسرة (1).
وأعلم أن (آمين) ليس من القرآن، ولا تجوز قراءته بعد فاتحة الكتاب عند الشيعة، لا للامام ولا للمأموم ولا للمنفرد، وعليه الآثار الواردة عن الأئمة رضوان الله عليهم.
روي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها، فقل أنت: الحمد لله رب العالمين، ولا تقل: آمين (2).
وروي أيضا أن محمد بن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب: آمين؟ قال: لا (3).
لكن المتسننة ذهبوا إلى أن قراءته بعد فاتحة الكتاب للمأموم مستحبة، لكنه ليس عندهم من القرآن إلا عند مجاهد، وذكروا في ذلك أحاديث تدل على تأكد استحبابها، لا نعرفها. قالوا: قال (عليه السلام): علمني جبرئيل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب، وقال: إنه كالختم على الكتاب (4).

(١) تفسير الإمام العسكري: ص ١٠، وأمالي الصدوق: المجلس الثالث والثلاثون: ص ١٤٨، وفيه:
" فليستكثر أحدكم ".
(٢) الوسائل: ج ٤، كتاب الصلاة، باب ١٧، من أبواب القراءة في الصلاة، ص ٧٥٢، ح ١.
(٣) الوسائل: ج ٤، كتاب الصلاة، باب ١٧، من أبواب القراءة في الصلاة، ص ٧٥٢، ح ٣.
(٤) بالرغم من الفحص الشديد لم نعثر في الصحاح والسنن والتفاسير على هذين الحديثين. لاحظ ما راجعناه من الموارد المظنونة في الكتب التالية:
١ - صحيح مسلم: ج ١، كتاب الصلاة، ص ٣٠٦، باب ١٨، التسميع والتحميد والتأمين.
٢ - صحيح البخاري: كتاب الاذان، باب جهر الامام بالتأمين، باب فضل التأمين، باب جهر المأموم بالتأمين.
٣ - سنن النسائي: ج ٢، كتاب الافتتاح، ص ١١٠، جهر الامام ب‍ (آمين)، باب الأمر بالتأمين خلف الامام، فضل التأمين.
٤ - سنن ابن ماجة: ج ١، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، ص ٢٧٧، باب ١٤، باب الجهر ب‍ (آمين).
٥ - سنن الترمذي: ج ٢، أبواب الصلاة، ص ٢٧ باب ١٨٤، باب ما جاء في التأمين وباب ١٨٥، ما جاء في فضل التأمين.
٦ - الموطأ: ج ١، كتاب الصلاة، ص ٨٧، باب ١١، ما جاء في التأمين خلف الامام.
٧ - سنن البيهقي: ج ٢، كتاب الصلاة، ص ٥٥، باب التأمين.
٨ - جامع الأصول لابن الأثير: ج ٦، حرف الصاد، ص ٢٢٣، الفرع الثاني في الفاتحة والتأمين.
٩ - كنز العمال للمتقي: ج ٧، حرف الصاد، كتاب الصلاة، ص ٤٤٥، التأمين.
١٠ - المصنف للصنعاني: ج ٢، ص ٩٥، باب آمين.
١١ - المغني لابن قدامة: ج ١، ص ٥٦٤، مسألة ٦٧٦.
١٢ - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر العسقلاني: ج ١، ص ١٢٣، باب التأمين.
١٣ - مجمع الزوائد للهيثمي: ج ٢، ص ١١٢، باب التأمين.
١٤ - تفسير الثعالبي (جواهر الحسان في تفسير القرآن): ج ١، ص ٢٦، القول في آمين.
نعم: في تفسير روح البيان للشيخ إسماعيل حقي: ط بيروت، ج ١، ص ٢٥، س ١٣، أورد الحديثين كما في المتن.
ويؤيده ما في الدر المنثور: ج ١، ص ٤٣، ذكر آمين، قال: وأخرج أبو داود بسند حسن عن أبي زهير النميري، وكان من الصحابة، أنه كان إذا دعا الرجل بدعاء قال: اختمه ب‍ (آمين) فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، وقال: أخبركم عن ذلك؟ خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي (صلى الله عليه وآله) يسمع منه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أوجب إن ختم. فقال رجل من القوم: بأي شئ يختم؟ قال: ب‍ (آمين)، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب.
وفي سنن أبي داود: ج ١، باب التأمين وراء الامام، ص ٢٤٧، الحديث ٩٣٨، أورده كما نقله عنه في الدر المنثور، وزاد بعده: فانصرف الرجل الذي سأل النبي (صلى الله عليه وآله) فأتى الرجل فقال: اختم يا فلان بآمين وأبشر.
وفي كتاب الترغيب والترهيب لعبد العظيم المنذري: ج ١، ص ٣٢٧: (الترغيب في التأمين خلف الامام)، الحديث ٧، أورده كما في سنن أبي داود.
وفي تفسير القرطبي (الجامع لاحكام القرآن) ج 1، ص 127، قال: الباب الثالث في التأمين وفيه ثمان مسائل. وفي المسألة الثالثة أورد الحديث كما في سنن أبي داود، وزاد بعد ذلك: وفي الخبر: لقنني جبرئيل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب، وقال: إنه كالخاتم على الكتاب، قال الهروي: قال أبو بكر:
معناه أنه طابع الله على عباده، لأنه يدفع به عنهم الآفات والبلايا، فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه و يمنع من إفساده وإظهاره ما فيه.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست