تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٤٥
الافعال إن كان من عند الله فللكسب فيه مدخل، فرجع إليه بهذا الاعتبار، وأما عند المعتزلة فلان خالق الافعال هو العبد، وبمجرد تمكين الله وإقداره عليها لا يختص الحمد به، بل يرجع إليه سبحانه أيضا كل باعتبار، وهو لا يفيد التخصيص بل الاشتراك.
قلت: لا يبعد أن يقال: إنه جعل الجنس في المقام الخطابي منصرفا إلى الكامل، كأنه كل الحقيقة، فاختص الجنس من حيث هو أو أفراده به سبحانه.
فإن قلت: كيف يصح قصد تخصيص الجنس أو أفراده والحال أن قوله تعالى:
الحمد لله، كان في الأصل: أحمد الله حمدا، أو نحمده حمدا، فلا يكون المراد إلا الحمد المستند إلى المتكلم الواحد، أو مع الغير، فبعد إفادة الكلام التخصيص لا يفيد إلا تخصيص المخصوص لا مطلقا.
قلت: كما أنه في صورة الرفع يتجرد الكلام عن التجدد والحدوث، كذلك يتجرد من النسبة إلى فاعل مخصوص، وأيضا يمكن أن يكون صيغة المتكلم مع الغير على ألسنة جميع الحامدين حقا وخلقا.
ثم قيل: إعلم أنه إذا كان الحامد في مقام الجمع، فالمناسب أن يحمل اللام على الجنس، وإن كان في مقام الفرق قبل الجمع فالمناسب الاستغراق ولكن بالتأويل، وإن كان في مقام الفرق بعد الجمع فالمناسب الاستغراق ولكن بلا تأويل، وإن كان في مقام جمع الجمع فالمناسب الجنس والاستغراق معا من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر.
ثم اعلم أنه يمكن أن يراد بالحمد الحامدية والمحمودية جميعا بناء على أنه مشترك معنوي، فإنه فعل واحد بين الحامد والمحمود، وإذا اعتبرت نسبته إلى الحامد يكون حامدية، وإن اعتبرت إلى المحمود يكون محمودية. أو لفظي ويجوز استعمال المشترك في معنييه أو معانيه كما ذهب إليه المحققون، أو يكون مجازا عن معنى مشترك بين المعنيين.
رب العلمين: الرب في الأصل: هو المالك، فهو إما صفة مشبهة من فعل متعد لكن بعد جعله لازما من (ربه يربه) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر،
(٤٥)
مفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست