تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٤٦
وإما وصف بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل، وهو مفرد لا يطلق على غير الله إلا نادرا، وقرئ بالنصب على المدح أو النداء، أو بالفعل الذي دل عليه الحمد.
قيل: هذا الاسم يفيد إثبات خمسة أحكام للحق سبحانه وتعالى، وهي: الثبات، والسيادة، والاصلاح، والملك، والتربية. لان الرب في اللغة هو المصلح، والسيد، والمالك، والثابت، والمربي، ففيه دليل على أن الممكنات كما هي مفتقرة إلى المحدث حال حدوثها، مفتقرة إلى المبقي حال بقائها.
والعالم: اسم لما يعلم به، كالخاتم لما يختم به، غلب فيما يعلم به الصانع مما سوى الله من الجواهر والاعراض، فإنها لامكانها وافتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدل على وجوده.
وقيل: اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وتناوله لغيرهم على سبيل الاستتباع.
وقيل: عنى به الناس هنا، فإن كل واحد منهم عالم من حيث أنه يشمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والاعراض، يعلم بها الصانع كما يعلم بما أبدعه في العالم، ولذلك سوى بين النظر فيهما، وقال: " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " (1).
وإنما جمع لئلا يتوهم أن القصد إلى استغراق أفراد جنس واحد مما سمي به، أو إلى حقيقة القدر المشترك، فلما جمع، وأشير بصيغة الجمع إلى تعدد الأجناس، و بالتعريف إلى استغراق أفرادها، أزال التوهم بلا شبهة.
وإنما جمعه بالواو والنون، مع أنه مختص بصفات العقلاء أو ما في حكمها من أعلامهم، لمشابهته الصفة في دلالته على الذات، باعتبار معنى هو كونه يعلم أو يعلم به، واختصاصه بأولي العلم حقيقة أو تغليبا.
وقيل: وصفيته العالمين إنما هي بتقدير ياء النسبة، يعنى العالميين، كالأعجمين بمعنى الأعجميين، واختصاصه بأولي العلم على سبيل التغليب.
ويمكن أن يجعل جمعه بالواو والنون إشارة إلى سريان الصفات الكمالية

(1) سورة الذاريات: الآية 21.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست