تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
وفي أصول الكافي عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه عن محمد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباته في حديث طويل فيه يقول (عليه السلام): فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى، يقول الله عز وجل:
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم، يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم، وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك إنك الرسول إليهم فلا تكونن من الممترين (1).
وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، قال الله تبارك وتعالى: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يعرفون أبناءهم، لان الله عز وجل أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجرته، وهو قول الله عز وجل: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل " (2). فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب، كما قال جل جلاله: " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " (3 / 4).
وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون: تخصيص لمن عاند واستثناء لمن آمن.
الحق من ربك: كلام مستأنف، و (الحق) إما مبتدأ خبره (من ربك) واللام للعهد والإشارة إلى ما عليه الرسول (صلى الله عليه وآله)، أو الحق الذي يكتمونه، أو للجنس، والمعنى أن الحق ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه،

(١) الكافي: ج ٢، ص ٢٨٣، ح ١٦، وفي تفسير البرهان: ج ١، ص 161، ح 1.
(2) سورة الفتح: الآية 29.
(3) سورة البقرة: الآية 89.
(4) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 1، ص 32.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست