وفائدة تقديم الاخبار، توطين النفس وإعداد الجواب، وفي المثل: قتل الرمي برأس السهم.
ما ولهم: ما صرفهم؟
عن قبلتهم التي كانوا عليها: وهي بيت المقدس.
قل لله المشرق والمغرب: بلاد الشرق والغرب، أو الأرض كلها.
يهدي من يشاء إلى صرط مستقيم: وهي ما توجبه الحكمة والمصلحة من توجيههم تارة إلى بيت المقدس وأخرى إلى الكعبة.
وفي تفسير الإمام (عليه السلام) عند قوله عز وجل: ما ننسخ من آية أو ننسها، وفي الاحتجاج عنه (عليه السلام) أيضا قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة أمره الله عز وجل أن يتوجه نحو بيت المقدس في صلاته، ويجعل الكعبة بينه و بينها إذا أمكن، وإذا لم يمكن استقبل بيت المقدس كيف كان. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة، فلما كان بالمدينة و كان متعبدا باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة، وكان متعبدا سبعة عشر شهرا، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: والله ما يدري محمد كيف يصلي حتى صار يتوجه إلى قبلتنا، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، فاشتد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم وأحب الكعبة، فجاءه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، ولقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبا، فقال جبرئيل: فسل ربك أن يحولك إليها، فإنه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك، فلما استتم دعاءه صعد جبرئيل (عليه السلام) ثم عاد من ساعته فقال: اقرأ يا محمد " قد نرى تقلب وجهك في السماء " الآية. فقالت اليهود عند ذلك " ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " فأجابهم الله بأحسن جواب، فقال: " قل لله المشرق والمغرب " وهو يملكهما، وتكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، هو مصلحتهم و مؤديهم بطاعته إلى جنات النعيم.