على البناء للمفعول، فيكون ضمير من الموصولة أو الموصوفة مقدرا، أي يسفك الدماء فيهم:
والدماء: جمع الدم بحذف لامه واوا كان أو ياء، لقولهم في تثنيته دموان و دميان، فالدماء أصله دماو، أو دماي اعلت إعلال كساء ورداء.
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك: حال من فاعل تجعل، يقرر معنى التعجب والاستكشاف المذكورين، ونظيره، أتحسن إلى فلان وأنا أحق منه بالاحسان، والمعنى: استخلف عصاة ونحن معصومون أحقاء بذلك، والمقصود الاستفسار عن المرجح، لا العجب والتفاخر.
وكأنهم علموا أن المجعول ذو ثلاث قوى، عليها مدار أمره، شهوية وغضبية يؤديان إلى الفساد، وعقلية تدعوه إلى المعرفة، ونظروا إليها مفردة، قالوا: ما الحكمة في استخلاف من هو باعتبار تينك القوتين لا تقتضي الحكمة إيجاده، فضلا عن استخلافه، وأما باعتبار القوة العقلية فنحن نقيم ما يتوقع منها سليما عن المعارض، وغفلوا عن فضيلة كل واحدة من القوتين إذا صارت مهذبة مطواعة للعقل متمرنة على الخير كالفقه والشجاعة ومجاهدة الهوى والانصاف، ولم يعلموا أن التركيب يفيد ما يقصر عنه الآحاد، كالإحاطة بالجزئيات واستنباط الصناعات واستخراج منافع الكائنات من القوة إلى الفعل الذي هو المقصود من الاستخلاف وكذلك حكم عليهم بعدم العلم بما يعلم هو تعالى.
والتسبيح: تبعيد الله من السوء، وكذلك التقديس، من سبح في الأرض والماء، وقدس في الأرض: إذا ذهب فيها وأبعد، ويقال: قدس طهر، لان مطهر الشئ مبعده عن الأقذار.
وفي كلام بعض الفضلاء: أن التسبيح تنزيه الجناب الإلهي عن النقائص و نفيها عنه، والتقديس تنزيه عن النقائص وعن صلاحية قبوله إياها وإمكانها فيه، فهو أبلغ من التسبيح، ولذلك اخر عنه في هذه الآية، وفي قولهم سبوح قدوس.
وبحمدك: حال، أي نسبح ونقدس متلبسين بحمدك، وقيل: الباء للسببية فيتعلق بالتسبيح.
والتسبيح: إشارة إلى الثناء عليه بالصفات الثبوتية، والتقديس إلى الثناء عليه