وعلي إن يطأ العراق وأهلها * يوم أغر من الدماء محجل يوم تزل به القلوب من الردى * جزعا وأولى أن تزل الأرجل وما أرى مودة الشريف لصديقه العربي - ابن أبي ليلى - كانت في بدء الامر إلا لكونه أحد سراة العرب المتنفذين في البادية، والذين توثقت عرى الصلات معهم لاجتياز الحجيج لكنه استدرجه فيما بعد فأفضى إليه بسره، وأبدى له ما يجيش بنفسه، فصادف جوا ملائما للغاية التي يتمناها الشريف ويتوخاها، إما لبساطة في نفس أبي العوام هذا، أو لغضبه على الخلفاء، أو لأنه يطمع برفعة ينالها في خلافة الشريف أو مال أو غيرهما.
(ابن أبي ليلى) لا تعرفنا عنه كتب التأريخ والسير شيئا، ولا تنبؤنا عن تحديد كرامته حتى ولا تذكر اسمه، ولكن يؤخذ من ديوان الشريف أنه من بني عامر بن لوي وأن اسمه عمرو، أو كعب، ويكنى بابي العوام، ويقال: انه كان دليلا له في طريقه إلى مكة سنة 394، وهو العام الذي حج فيه معه الوزير أبو علي الحسين بن حمد بن أبي الريان وله في ذلك قصيدة يذكره فيها، ويؤخذ من إطراء الشريف لابن أبي ليلى هذا ترجمة رجل متفرد بمآثر جليلة ومناقب جمة جميلة، ولا ريب أن في ذلك الاطراء مبالغة وتخييلا شعريا، ولكن واحد من مائة لم يبالغ فيه يكفينا لان نعرف أنه من الشخصيات البارزة يومئذ، وأن بني تميم قتلته في سبيل دعوته للشريف لما لم ترق لديهم تلك الدعوة، ولعلما كان قتله وقتل المقلد العقيلي مما دبره الخلفاء بليل للاستراحة منهما،