رأي السكون من ناحية الخلافة سائدا في العاصمة بلا اضطراب، وبدون أمارات تنذر بالقلق، كما كانت في أيام القادر، وفي هذا الشأن كان يقول:
أما تحرك للأقدار نابضة * أما يغير سلطان ولا ملك؟
قد هادن الدهر حتى لا قراع له * وأطرق الخطب حتى ما به حرك أظلت السبعة العليا طرائقها * أم أخطأت نهجها أم سمر الفلك؟
3 - إمارة الحج، فهي التي نبهت هواجسه التي تنمو بنموه، وأذكت فيه ذلك الشعور الملتهب الذي يتحفز ولا يهدأ ولا يقنع بما دون الخلافة إلا ساخطا على القضاء، وليس ذلك لما في تلك الامارة من سلطة محدودة ومقصورة على البادية فان سلطة النقابة الدائمة أقوى منها وأكمل، بل لأنها قد أكدت الصلات بينه وبين سراة البادية وزعمائها في جزيرة العرب كلها، وهم هم المتنفذون، وهم الذين يتمكن الشريف ان يفسر بهم أحلامه، ويحقق أمانيه التي يظهرها قوله:
متى أرى الزوراء مرتجة * تمطر بالبيض الظبي أو تراح يصيح فيها الموت عن ألسن * من العوالي والمواضي فصاج وهذا أقوى الأسباب فيما أرى لدى الشريف، لأنه إن تم لا يقصر خلافته على العراق فقط أو حيث تمتد سلطة بني بويه بل يسير بها في جزيرة العرب كلها، ويدلنا على أن الشريف يطمع في عموم الاستخلاف الذي ينحصر بهذا السبب قوله:
لست للزهراء إن لم ترها * كوعول الهضب يعجمن اللجم يستجن البدر من فرسانها * بين بغداد إلى أرض الحرم