ودعائه عليهم، فقد أخطأ الصواب، وذلك أنه عليه السلام مأمور بأن يلعن الكفار معلنا، ويدعو عليهم مجتهدا، فلا يجوز أن يقال - والحال هذه -: (ليس لك من الامر شئ)، والمراد يتعلق بما ذكرنا، وإنما كان (ع) يدعو عليهم بعقاب الآخرة مشروطا، والشرط: إن لم يتوبوا، فلا يوجب ذلك ألا تقع منهم إنابة ولا توبة إذا كان دعاؤه يقتضي طلب العقوبة لهم في الآخرة، بشرط الموافاة وهم مصرون على المعاصي، وإن دعا عليهم بايقاع المستحق من العقاب في الحال، فتوبتهم أيضا إن وقعت من بعد ذلك كانت غير مؤثرة في حسن الدعاء.
ثم يقال للسائل: إذا لم يكن للنبي (ع) من الامر شئ على زعمك، فلماذا استحق المدح والسمعة، والاجلال والرفعة! ولماذا خص بما ليس لغيره في باب لزوم الطاعة! ولماذا يلزم اتباعه واقتفاؤه، ويجري على العباد أحكامه، ويكون قوله مسموعا وإيماؤه متبوعا!. وإن كان جميع ما يفعله بمنزلة لونه وهيئته وأعضائه وصورته ليس له فيه شئ ولا إليه منه شئ، فكيف يستحق المدح بأفعاله، والحمد على صالح أعماله!.
على أن الامر في الحقيقة هو قول القائل لمن دونه في الرتبة: (افعل)، فيجب أن يقتضي ظاهر ذلك أنه صلى الله عليه وآله ليس له أن يأمر وينهى في حال من الأحوال، وذلك ما لا يجوز أن يقوله من فيه مسكة، أو عنده للدين عقيدة.
ومما يكشف عما ذكرنا أن الله قد أمر النبي بطاعته ونهاه عن