العلامة المجلسي الذي كانت الصفة الغالبة على آثاره العلمية حتى الفقهية والكلامية منها هو ترجمة وشرح الأخبار والروايات. وإلى جانب هذه الحركة برز ثلة من المجتهدين اعتمدوا في كتبهم وآثارهم العلمية طريقة الاستدلال العقلي والاستفادة من علم الأصول. وممثل هذا الخط كان الآقا جمال الخوانساري والفاضل الهندي رضوان الله عليهما.
والفرق بين هذين العلمين هو أن الفاضل كتب متنا فقهيا مفصلا تحت عنوان شرح لقواعد الأحكام للعلامة. مضافا إلى كتابته قبل ذلك شرحا على اللمعة تحت عنوان (المناهج السوية). أما الآقا جمال فلم يترك أثرا فقهيا موسعا سوى حاشية على اللمعة وآثار فقهية مختصرة. وبعد هذين العلمين وفي مدة مديدة - أعني تمام القرن الثاني عشر - لم يكتب متن فقهي مفصل، وكان الحاكم على الحوزات العلمية في هذا الفاصل الزمني هو المسلك الأخباري.
وعلى هذا يكون كتاب كشف اللثام ومؤلفه الفاضل الهندي قد احتلا موقعا مهما في تخريج طلبة الفقه الاجتهادي. وحينما انبرى صاحب الجواهر وصاحب رياض المسائل لكتابة موسوعتيهما الفقهية (جواهر الكلام، ورياض المسائل) اعتبرا كشف اللثام آخر أثر فقهي موسوعي، مكتوب بطريقة علمية عالية. واستفادا منه في تدوين دورتيهما فوائد جمة.
ينقل المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي نقلا عن المحدث النوري أنه نقل عن أستاذه الشيخ عبد الحسين، أن صاحب الجواهر كان له اعتماد عجيب على الفاضل الهندي وكشف اللثام، وكان لا يكتب شيئا من الجواهر إلا بعد أن يكون كشف اللثام حاضرا بين يديه. ثم نقل بعد ذلك عن صاحب الجواهر أنه قال:
(لو لم يكن الفاضل في إيران ما ظننت إن الفقه صار إليه) (1).
وملاحظة الجواهر تدلنا على أن استفادته من كشف اللثام واعتماده عليه كان