والنهب، وقتل الخليفة المستعصم ووضع بذلك الحد للدولة العباسية.
الحالة الاجتماعية لم تكن الحالة الاجتماعية في البلاد الإسلامية بأفضل من الحالة السياسية نظرا لما لهما من تداخل، فأي تطور سياسي لا بد أن ينعكس على الناحية الاجتماعية ويكون له أثره الملموس فيها. ولهذا فلا غرابة أن نجد آثار هذه الحروب والمنازعات الداخلية والخارجية يلقي بظلالها على موارد الناس وأقواتهم وحياتهم اليومية.
وهذا نموذج من ذلك في مدينة دمشق وما حولها أثناء حصار الخوارزمية للصالح أيوب سنة 643 ه. يقول صاحب الذيل على الروضتين: " بلغت غرارة القمع ست مائة ناصرية، نصفها بثلاث مائة درهم... وبقيت الصعاليك مرميين في الطرقات. كانوا يطلبون لقمة، ثم صاروا يطلبون فلسا يشترون به نخالة يبلونها ويأكلونها كما تطعم الدجاج، وشاهدت ذلك بعيني. ثم اشتد الغلاء... وبلغت الغرارة في ثاني عشر ذي القعدة ألفا ومائتي درهم وخمسين درهما فضة ناصرية... ".
كانت هذه حال أهل الشام ثم تنفرج عليهم الضائقة، ولكنها لا تلبث أن تعاودهم لاستمرار الحروب وانتشار الأوبئة وتعطل الصناعات وإقفار حقول الزراعة واختلال الأمن وتعرض الناس للسلب والنهب ومصادرة الأموال.
ولم تكن مصر بأفضل منها فقد ابتليت هي الأخرى بسنوات جدب وقحط لعدم زيادة النيل (كما حدث في سنة 597 ه) حتى هرب الناس إلى المغرب والحجاز واليمن والشام، وتفرقوا أيدي سبأ، ومزقوا كل ممزق، وأكل الناس الميتات والجيف.
وصاحب هذه الأزمات والأوضاع السيئة فساد الأمراء والحكام والأعيان، ومن هذا الصنف الخليفة الناصر لدين الله الذي اشتغل بالملذات والشهوات وانكب