حكم اختصار الحديث ورواية بعضه دون بعض:
اختلف في حكم اختصار الحديث ورواية بعضه دون بعض، فمنهم من منع ذلك مطلقا بناء على القول بالمنع من الرواية بالمعني وهؤلاء قيدوا المنع بما إذا لم يكن الراوي أو غيره قد رواه تاما من قبل.
وأجازه بعضهم مطلقا، وصحح النووي جوازه للعارف حيث قال: " والصحيح التفصيل وجوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة بتركه وسواء جوزناها بالمعنى أم لا " اه.
وكل هذا إذا ارتفعت منزلة الراوي عن أن تلصق به تهمة، أما من رواه مرة تاما فخاف إن رواه بعدها ناقصا أن يتهم بالزيادة أو النسيان أو الغفلة أو قلة الضبط، فإنه لا يجوز له اختصاره. وكذلك إن رواه ناقصا ثم أراد روايته تاما وخاف ما ذكر، أو كان ممن لا تجل منزلته عن التظنن به واتهامه كان له العذر في ترك روايته تاما.
قال النووي والسيوطي: " هو إلى الجواز أقرب، ومن المنع أبعد قال الشيخ ابن الصلاح: ولا يخلو من كراهة وعن أحمد: ينبغي أن لا يفعل، حكاه عنه الخلال. وما أظنه يوافق عليه. فقد فعله الأئمة مالك، والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم " ومذهب الإمام مسلم عدم جواز ذلك فإنه يسوق الحديث بتمامه ولا يقطعه.
وقد انتقد الإمام مسلم في بضعة عشر حديثا رواها في صحيحه، كل حديث منها يشتمل على جزء متصل وآخر به انقطاع ومن له إلمام بمنهج الإمام مسلم يعلم أنه لم يحتج بالجزء المنقطع منها ولذا قال الحافظ رشيد الدين العطار: " ولا يخفى