الحالة السياسية كان لضعف الدولة العباسية آثار سيئة على العالم الإسلامي، استمرت مخلفاتها على مدى فترة غير قصيرة من الزمن على إثرها تصدع صرح الخلافة الإسلامية وصارت عبارة عن دويلات متنازعة متحاربة، وجرد الخليفة العباسي من سائر السلطات، حتى لم يعد له سوى الاسم، بل قد غلب على أمره - في كثير من الأحيان - وصار ألعوبة في يد الوزراء أو الولاة والأمراء المستبدين.
وزالت هيبة الخلافة الإسلامية من النفوس، وشقت عصا الطاعة كثير من البلدان الإسلامية.
فهذه الدولة الفاطمية في مصر (358 ه - 567 ه) بدأت بنشر مذهبها الشيعي وأسقطت ما كان متبقيا من الولاء الشكلي لأمير المؤمنين ولم تعد تخطب له على المنابر، وناصبت العداء للخلافة العباسية كما اقتطعت بعض الأجزاء من أراضيها.
وتجمعت عوامل متعددة لتفرز صراعا آخر في الشرق الإسلامي وهذه المرة بين المسلمين والمسيحيين.
كانت أواخر القرن الخامس الهجري - من سنة 491 ه - فاتحة هذه الصفحة الجديدة، فقد استطاع الصلبيون أن يستولوا على مدن كثيرة فكونوا إمارات، منها إمارة الرها، وإمارة أنطاكيا، وإمارة بين المقدس، وإمارة طرابلس. وبهذا تم لهم السيطرة على سواحل بلاد الشام.
لم تكن تسقط المدينة تلو المدينة في أيدي الصليبيين بسهولة، فقد أبلى المسلمون في الدفاع عن أراضيهم البلاء الحسن.
وفي عهد آخر خليفة فاطمي في مصر - العاضد - ساءت أحوال البلد بسبب