العنعنة عند مسلم:
الإسناد المعنعن هو الذي يقال فيه فلان عن فلان. وقد اختلف العلماء فيه هل هو من قبيل الإسناد المتصل فيندرج ضمن الصحيح أو هو من قبيل المرسل والمنقطع فلا يدخل ضمنه.
نص الإمام مسلم على مذهبه فيه - في مقدمة صحيحه - وانتصر له وادعى الإجماع لما ذهب إليه. ومن قوله في ذلك: " وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا، ولا تشافها بكلام، فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة إلا أن يكون هناك دلالة بينة، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدا حتى تكون الدلالة التي بينا ".
وهذا الذي ذكره مسلم ادعي أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقل عليه.
ونقل زين الدين العراقي عن ابن عبد البر تصريحه بإجماع أئمة الحديث عليه بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا.
ونقل الإمام أبو عمرو بن الصلاح - في مقدمته - عن مسلم قوله ملخصا له، ثم عقب عليه بقوله: " وفيما قاله نظر وقد قيل إن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم علي بن المديني والبخاري وغيرهما ".
وعدم اشتراط اللقيا عند الإمام مسلم لا يضر صحيحه ولا يقدح فيه وإنما هو زيادة في التثبت والاحتياط من قبل الإمام البخاري، ولذا قال المحققون من المحدثين إن مذهب البخاري أضيق وأدق.