ونتيجة لهذا العمل الجليل والسعي المتواصل الحميد وهذه العناية التامة في الاحتياط والتثبت ارتاحت نفس الإمام مسلم لهذه الثمرة، فأخذ يرغب الناس في الاعتماد على هذا الكتاب في معرفة الصحيح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد نقل النووي عن مكي بن عبدان أنه سمع مسلما يقول: لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند - يعني صحيحه -.
ثناء العلماء على صحيح مسلم:
وشأن صحيح مسلم كشأن صحيح البخاري، كل منهما لقي إقبالا كبيرا من العلماء، حتى غدت ألسنتهم ناطقة بفضلهما والثناء عليهما.
وأسوق هنا بعض ما يتعلق بصحيح مسلم.
قال الإمام النووي: " سلك مسلم - رحمه الله - في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والإتقان والورع والمعرفة وذلك مصرح بكمال ورعه وتمام معرفته وغزارة علومه وشدة تحقيقه وتحفظه وتقعدده في هذا الشأن وتمكنه من أنواع معارفه وتبريزه في صناعته وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه لا يهتدي إليها إلا الإفراد في الأعصار... ".
وهذه شهادة من الحافظ ابن حجر حيث قال: " قلت: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله بحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعني. وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريين فلم يبلغوا شاؤه، وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على مسلم فسبحان المعطي الوهاب ".
تقسيم الإمام مسلم لطبقات الرواة:
وضع الإمام مسلم مقدمة لكتابه الصحيح تعتبر بحق من المقدمات العلمية