خلف الأندلسي السبتي البلنسي...
ويضاف إلى ذلك دور المساجد فإنها لم تكن في يوم من الأيام تخلو من حلقة علم أو تحفيظ القرآن أو رواية للحديث. وهذه إشارة إلى بعضها:
المسجد الأموي بدمشق الذي اتخذ صبغة تعليمية منذ تأسيسه، فقد كان يؤمه الفقهاء والمحدثون والعلماء وطلاب العلم، وفي مطلع القرن السابع اشتهر بالمقادسة الذين كانوا يتناوبون التدريس فيه. فهذا موفق الدين أبو محمد بن أحمد بن محمد الشهير بابن قدامة المقدسي (ت 620 ه) كان يخصص يوم الجمعة للتدريس والمناظرة فيه.
وهذا المسجد العتيق، جامع عمرو بن العاص بمصر - وهو أول مسجد بني فيها، بناه عمرو بن العاص بأمر من عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - لم تزل زواياه موئلا للدرس والتحصيل واشتهر بحلقاته التي وصلت في بعض الأحيان إلى ما ينيف عن أربعين حلقة.
وكذا الجامع الأزهر الذي أنشأه القائد جوهر الصقلي (ت 381 ه) وكان الفراغ من بنائه سنة 361 ه. فقد خصصت له جرايات ونفقات على المشتغلين بالعلم فيه، وامتلأت جوانبه بالطلبة والعلماء، اشتهرت طائفة منهم بالتدريس فيه، ذكر بعضهم السيوطي في حسن المحاضرة. وقد ساعد كذلك - على ازدهار العلوم الشرعية في هذه الحقبة أن الملوك الأيوبيين كان لهم اهتمام بالغ بالعلم والعلماء ومشاركة في مجالسهم، ومن هؤلاء: صلاح الدين الأيوبي، قال القاضي ابن شداد: " وكان رحمه الله خاشع القلب رقيق الدمعة إذا سمع القرآن العزيز يخشع قلبه وتدمع عينه في معظم أوقاته، وكان شديد الرغبة في سماع الحديث ومتى سمع عن شيخ ذي رواية عالية وسماع كثير فإن كان ممن يحضر عنده استحضره وسمع عليه وأسمع في ذلك المكان من أولاده ومماليكه والمختصين به. وكان يأمر الناس بالجلوس عند سماع الحديث إجلالا له، وإن كان الشيخ ممن لا يطرق أبواب