أنه لا عيب على مسلم في ذلك من أوجه.
أحدها: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده ولا يقال الجرح مقدم على التعديل، لأن ذلك فيما إذا كان الجرح ثابتا مفسر السبب، وإلا فلا يقبل الجرح إذا لم يكن كذلك، وقد قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره ما احتج البخاري ومسلم وأبو داود به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر السبب.
ويحتمل أن يكون ذلك فيما بين الجارح فيه السبب واستبان مسلم بطلانه، ولهذا قال ابن الصلاح في مقدمته: " ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم ".
الثاني: أن يكون ذلك واقعا في الشواهد والمتابعات، لا في الأصول، وذلك بأن يذكر الحديث أولا بإسناد نظيف رجاله ثقات ويجعله أصلا، ثم يتبعه بإسناد آخر، أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قدمه، وبالمتابعة والاستشهاد اعتذر الحاكم أبو عبد الله في إخراجه عن جماعة ليسوا من شرط الصحيح منهم مطر الوراق وبقية بن الوليد