فهذا الحافظ ابن حجر (ت 852 ه) تولى وصل جميع المعلقات المشتمل عليها الجامع الصحيح للبخاري في كتابه " تغليق التعليق " وبذلك سد الطريق على كل طاعن أو مغرض يود النيل من صحيح البخاري.
ويسر الله للدكتور سعيد عبد الرحمن موسى القزقي دراسة هذا الكتاب وتحقيقه، حيث رأى نور الطباعة وملأ الفراغ الذي كانت تعاني منه المكتبة البخارية في هذا الجانب.
وفي صحيح مسلم أحاديث قليلة منقطعة جمع بعضها أبو علي الغساني (ت 498 ه) في " تقييد المهمل وتمييز المشكل "، ونص على وصل بعضها، ولم يستوعب. وجاء الإمام أبو عبد الله المازري (ت 536 ه) فألف كتابه " المعلم بفوائد مسلم " فاقتفى أثر أبي علي في ذكر نفس الأحاديث، لكنه لم يصلها.
فلما جاء الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي جعل هذه الأحاديث نواة لكتابه " غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة ".
ثم أضاف إليها ما وقع إليه من جنسها في صحيح مسلم، وقام بوصلها من الطرق الثابتة الصحيحة.
وكتاب " الغرر " هذا على أهميته لم يجد من يقوم بتحقيقه وإخراجه إلى الوجود نظرا للبتر الذي يشتمل عليه في نسختيه المعروفتين: نسخة الخزانة العامة بالرباط: ع. ونسخة خزانة برلين: ب. وسبق أن سجل في نطاق رسائل جامعية، لكن سرعان ما يسحب الطالب تسجيله أمام ما يلاقيه من صعوبات إتمام البتر المذكور، وكذا حينما يعلم أن المصادر التي ترجمت لصاحبه كثيرة. ولكنها في مجملها لم تتعد معلومات واحدة تتناقلها فيما بينها لا تشفي الغليل، ولا تسلط الضوء الكافي على الحياة العلمية الجليلة للحافظ رشيد الدين العطار، رحمه الله تعالى.
وما إن علمت ذلك حتى استخرجت الله في الإقدام على تسجيله. وحفزني بعض العلماء الأفاضل على ذلك، جازاهم الله خيرا.
وحمدت الله تعالى أن كان موضع البتر المشترك بين النسختين في نواة الموضوع " في الأحاديث الأربعة عشر الأولى " التي تناولها بالبحث كل من أبي علي