شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٧٤
وروى سعيد بن المسيب، أن عمر لما صدر من الحج في الشهر الذي قتل فيه، كوم كومة من بطحاء، وألقى عليها طرف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء، وقال اللهم كبرت سنى، وضعفت قوتي، وانتشرت (1) رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط.
ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال:
أيها الناس قد فرضت لكم الفرائض وسننت لكم السنن، وتركتكم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا إياكم أن تنتهوا عن آية الرجم وأن يقول قائل: لا نجد ذلك حدا في كتاب الله فقد رأيت رسول الله رجم ورجمنا بعده، ولولا أن يقول الناس: إن ابن الخطاب أحدث آية في كتاب الله لكتبتها، ولقد كنا نقرؤها (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن * * * دفع إلى عمر صك (2) محلة في شعبان، فقال: أي شعبان؟ الذي مضى أم الذي نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: ضعوا للناس تاريخا يرجعون إليه، فقال قائل منهم: اكتبوا على تاريخ الروم، فقيل: إنه يطول، وإنه مكتوب من عهد ذي القرنين. وقال قائل: بل اكتبوا على تاريخ الفرس، [فقيل إن الفرس] (3) كلما قام ملك طرحوا ما كان قبله فقال علي عليه السلام: اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الشرك إلى دار النصرة وهي دار الهجرة فقال عمر: نعم ما أشرت به، فكتب للهجرة، بعد مضى سنتين ونصف من خلافة عمر (4).

(١) انتشرت الرعية: أي تفرقت في شتى النواحي.
(٢) الصك: كتاب الاقرار بالمال.
(٣) تكملة من تاريخ الطبري.
(٤) الخبر في تاريخ الطبري ٢: ٢٥٣ (الحسينية)، وفيه: (فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فوجدوه عشر سنين، فكتب التاريخ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم).
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281