وروى سعيد بن المسيب، أن عمر لما صدر من الحج في الشهر الذي قتل فيه، كوم كومة من بطحاء، وألقى عليها طرف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء، وقال اللهم كبرت سنى، وضعفت قوتي، وانتشرت (1) رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط.
ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال:
أيها الناس قد فرضت لكم الفرائض وسننت لكم السنن، وتركتكم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا إياكم أن تنتهوا عن آية الرجم وأن يقول قائل: لا نجد ذلك حدا في كتاب الله فقد رأيت رسول الله رجم ورجمنا بعده، ولولا أن يقول الناس: إن ابن الخطاب أحدث آية في كتاب الله لكتبتها، ولقد كنا نقرؤها (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن * * * دفع إلى عمر صك (2) محلة في شعبان، فقال: أي شعبان؟ الذي مضى أم الذي نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: ضعوا للناس تاريخا يرجعون إليه، فقال قائل منهم: اكتبوا على تاريخ الروم، فقيل: إنه يطول، وإنه مكتوب من عهد ذي القرنين. وقال قائل: بل اكتبوا على تاريخ الفرس، [فقيل إن الفرس] (3) كلما قام ملك طرحوا ما كان قبله فقال علي عليه السلام: اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الشرك إلى دار النصرة وهي دار الهجرة فقال عمر: نعم ما أشرت به، فكتب للهجرة، بعد مضى سنتين ونصف من خلافة عمر (4).