شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٦٦
وفي حديثه أن عاملا على الطائف كتب إليه: إن رجالا منهم كلموني في خلايا لهم أسلموا عليها وسألوني أن أحميها لهم فكتب إليه عمر: (إنها ذباب غيث فإن أدوا زكاته فاحمه لهم) (1).
قال الخلايا موضع النحل التي تعسل الواحدة خلية وأراد بقوله (إنها ذباب غيث) أنها تعيش بالمطر لأنها تأكل ما ينبت عنه فإذا لم يكن غيث فقدت ما تأكل فشبهها بالسائم من النعم لا مؤنه على صاحبها منها وأوجب فيها الزكاة.
* * * وفى حديثه أن سعد بن الأخرم قال كان بين الحي وبين عدى بن حاتم تشاجر فأرسلوني إلى عمر فأتيته وهو يطعم الناس من كسور إبل وهو قائم متوكئ على عصا مؤتزر إلى أنصاف ساقيه خدب من الرجال كأنه راعى غنم وعلى حله ابتعتها بخمسمائة درهم فسلمت عليه فنظر إلى بذنب عينه وقال لي إما لك معوز؟ قلت: بلى، قال:
فألقها فألقيتها وأخذت معوزا ثم لقيته فسلمت فرد على السلام (2).
قال كسور (3) الإبل: أعضاؤها.
والخدب العظيم الجافي وكأنه راعى غنم يريد في الجفاء والبذاذة وخشونة الهيئة واللبسة.
والمعوز الثوب الخلق والميم مكسورة وإنما ترك رد السلام عليه أولا لأنه أشهر الحلة فأدبه بترك رد السلام فلما خلعها ولبس المعوز رده عليه.

(1) الفائق 1: 366.
(2) الفائق 2: 411.
(3) واحده كسر، بالفتح والكسر.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281