وفي حديثه أن عاملا على الطائف كتب إليه: إن رجالا منهم كلموني في خلايا لهم أسلموا عليها وسألوني أن أحميها لهم فكتب إليه عمر: (إنها ذباب غيث فإن أدوا زكاته فاحمه لهم) (1).
قال الخلايا موضع النحل التي تعسل الواحدة خلية وأراد بقوله (إنها ذباب غيث) أنها تعيش بالمطر لأنها تأكل ما ينبت عنه فإذا لم يكن غيث فقدت ما تأكل فشبهها بالسائم من النعم لا مؤنه على صاحبها منها وأوجب فيها الزكاة.
* * * وفى حديثه أن سعد بن الأخرم قال كان بين الحي وبين عدى بن حاتم تشاجر فأرسلوني إلى عمر فأتيته وهو يطعم الناس من كسور إبل وهو قائم متوكئ على عصا مؤتزر إلى أنصاف ساقيه خدب من الرجال كأنه راعى غنم وعلى حله ابتعتها بخمسمائة درهم فسلمت عليه فنظر إلى بذنب عينه وقال لي إما لك معوز؟ قلت: بلى، قال:
فألقها فألقيتها وأخذت معوزا ثم لقيته فسلمت فرد على السلام (2).
قال كسور (3) الإبل: أعضاؤها.
والخدب العظيم الجافي وكأنه راعى غنم يريد في الجفاء والبذاذة وخشونة الهيئة واللبسة.
والمعوز الثوب الخلق والميم مكسورة وإنما ترك رد السلام عليه أولا لأنه أشهر الحلة فأدبه بترك رد السلام فلما خلعها ولبس المعوز رده عليه.