ثم نعود إلى تفسير ألفاظ الفصل:
قوله عليه السلام: (يصونون مصونة) أي يكتمون من العلم الذي استحفظوه ما يجب أن يكتم ويفجرون عيونه يظهرون منه ما ينبغي اظهاره وذلك أنه ليس ينبغي اظهار كل ما استودع العارف من الاسرار وأهل هذا الفن يزعمون أن قوما منهم عجزوا عن أن يحملوا بما حملوه فباحوا به فهلكوا منهم الحسين بن منصور الحلاج ولأبي الفتوح الجارودي المتأخر اتباع يعتقدون فيه مثل ذلك.
والولاية بفتح الواو المحبة والنصرة ومعنى (يتواصلون بالولاية) يتواصلون وهم أولياء ومثله (ويتلاقون بالمحبة) كما تقول خرجت بسلاحي أي خرجت وانا متسلح فيكون موضع الجار والمجرور نصبا بالحال أو يكون المعنى أدق والطف من هذا وهو أن يتواصلوا بالولاية أي بالقلوب لا بالأجسام كما تقول انا أراك بقلبي وأزورك بخاطري وأواصلك بضميري.
قوله (ويتساقون بكأس روية) أي بكأس المعرفة والانس بالله يأخذ بعضهم عن بعض العلوم والاسرار فكأنهم شرب يتساقون بكأس من الخمر (1).
قال (ويصدرون بريه) يقال من أين ريتكم مفتوحة الراء أي (2) من أين ترتوون الماء.
قال (لا تشوبهم الريبة) أي لا تخالطهم الظنة والتهمة ولا تسرع فيهم الغيبة لان أسرارهم مشغولة بالحق عن الخلق.
قال (على ذلك عقد خلقهم وأخلاقهم) الضمير في (عقد) يرجع إلى الله تعالى أي على هذه الصفات والطبائع عقد الخالق تعالى خلقتهم وخلقهم أي هم متهيئون لما صاروا إليه كما قال عليه السلام) (إذا أرادك لأمر هياك له)