ورأي رجل حكيما يأكل ما تساقط من البقل على رأس الماء فقال له لو خدمت السلطان لم تحتج إلى اكل هذا فقال وأنت لو قنعت بهذا لم تحتج إلى خدمة السلطان.
وقيل العقاب عزيز في مطاره لا تسمو إليه مطامع الصيادين فإذا طمع في جيفة علقت على حباله نزل من مطاره فنشب في الأحبولة.
وقيل لما نطق موسى بذكر الطمع فقال ﴿لو شئت لاتخذت عليه أجرا﴾ (١) قال له الخضر (هذا فراق بيني وبينك) (١) وفسر بعضهم قوله ﴿هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي﴾ (٢) فقال مقاما في القناعة لا يبلغه أحد.
* * * ومنها التوكل قال الله تعالى ﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾ (٣) وقال سهل بن عبد الله أول مقام في التوكل أن يكون العبد بين يدي الله تعالى كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء لا يكون له حركة ولا تدبير.
وقال رجل لحاتم الأصم من أين تأكل فقال ﴿ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون﴾ (4).
وقال أصحاب هذا الشأن التوكل بالقلب وليس ينافيه الحركة بالجسد بعد أن يتحقق العبد أن التقدير من الله فان تعسر شئ فبتقديره وإن تسهل فبتيسيره.